عند ما سئل أى الذنب أعظم؟ قال : «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» ومنها قوله ؛ : «إن الرقى والتمائم والتولة شرك».
ومنها قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : وما الشرك الأصغر؟ قال : الرياء».
ومنها قوله صلىاللهعليهوسلم : فيما يرويه عن ربه ـ عزوجل ـ : يقول الله ـ تعالى ـ «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى ، تركته وشركه» (١).
فالآية الكريمة تنهى عن كل شرك ، وتدعو إلى إخلاص العبادة والطاعة لله رب العالمين.
ثم هددهم ـ سبحانه ـ بحلول قارعة تدمرهم تدميرا فقال ـ تعالى ـ : (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
والغاشية ؛ كل ما يغطى الشيء ويستره ، والمراد بها : ما يغشاهم ويغمرهم من العذاب. والاستفهام للتوبيخ والتقريع.
والمعنى : أفأمن هؤلاء الضالون ، أن يأتيهم عذاب من الله ـ تعالى ـ يغشاهم ويغمرهم ويشمل كل أجزائهم. وأمنوا أن تأتيهم الساعة فجأة دون أن يسبقها ما يدل عليها ، بحيث لا يشعرون بإتيانها إلا عند قيامها.
إن كانوا قد أمنوا كل ذلك ، فهم في غمرة ساهون ، وفي الكفر والطغيان غارقون ، فإنه (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ).
ثم أمر الله ـ تعالى ـ نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم : أن يسير في طريقه الذي رسمه له ، وأن يدعو الناس إليه فقال : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي ، أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ...) والبصيرة : المعرفة التي يتميز بها الحق من الباطل.
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ للناس هذه طريقي وسبيلي واحدة مستقيمة لا عوج فيها ولا شبهة ، وهي أنى أدعو إلى إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ وحده ، ببصيرة مستنيرة ، وحجة واضحة ، وكذلك أتباعى يفعلون ذلك ... ولن نكفّ عن دعوتنا هذه مهما اعترضتنا العقبات.
واسم الإشارة (هذِهِ) مبتدأ. و (سَبِيلِي) خبر ، وجملة (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ ...) حالية ، وقد جيء بها على سبيل التفسير للطريقة التي انتهجها الرسول صلىاللهعليهوسلم في دعوته.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤٣١ طبعة دار الشعب.