أى : ما الحكم في شأن العقائد والعبادات والمعاملات وفي صحتها أو عدم صحتها إلا لله ـ تعالى ـ وحده ، لأنه الخالق لكل شيء ، والعليم بكل شيء.
وقوله (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) انتقال من الأدلة الدالة على وحدانيته ـ سبحانه ـ إلى الأمر بإخلاص العبادة له وحده.
أى : أمر ـ سبحانه ـ عباده أن لا يجعلوا عبادتهم إلا له وحده ، لأنه هو خالقهم ورازقهم ، وهو يحييهم ويميتهم.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
أى : ذلك الذي أمرناكم به من وجوب إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ وحده ، هو الدين القيم.
أى : الحق المستقيم الثابت ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك حق العلم ، لاستيلاء الشهوات والمطامع على نفوسهم.
وبعد أن عرف يوسف صاحبيه في السجن بنفسه ، وأقام لهما الأدلة على أن عبادة الله ـ تعالى ـ وحده هي الدين الحق ودعاهما إلى الدخول فيه ..
بعد كل ذلك شرع في تفسير رؤياهما ليزيدهما ثقة في قوله ، فقال : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما) وهو ساقى الملك ، فيخرج من السجن بريئا ويسقى «ربه» أى : سيده الملك «خمرا».
(وَأَمَّا الْآخَرُ) وهو خباز الملك وصاحب طعامه «فيصلب» أى : فيقتل ثم يصلب «فتأكل الطير من رأسه» بعد موته.
ولم يعين يوسف ـ عليهالسلام ـ من هو الذي يسقى ربه خمرا ، ومن هو الذي يصلب ، وإنما اكتفى بقوله «أما أحدكما ... وأما الآخر» تلطفا معهما ، وتحرجا من مواجهة صاحب المصير السيئ بمصيره ، وإن كان في تعبيره ما يشير الى مصير كل منهما بطريق غير مباشر.
ثم أكد لهما الأمر واثقا من صدق العلم الذي علمه الله إياه ، فقال : (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ).
والاستفتاء : مصدر استفتى إذا طلب الفتوى من غيره في أمر خفى عليه فهمه أى : تم التفسير الصحيح لرؤييكما اللتين سألتمانى عن تأويلهما.