وجملة (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) بيان الجزاء الحسن ، الذي أعده الله ـ تعالى ـ لهؤلاء الأخيار.
والعقبى : مصدر كالعاقبة ، وهي الشيء الذي يقع عقب شيء آخر.
والمراد بالدار : الدنيا. وعقباها الجنة. وقيل المراد بالدار : الدار الآخرة. وعقباها الجنة للطائعين ، والنار للعاصين.
أى : أولئك الموصوفون بتلك الصفات الكريمة ، لهم العاقبة الحسنة وهي الجنة. والجملة الكريمة خبر عن «الذين يوفون بعهد الله ....» وما عطف عليها.
وقوله ـ سبحانه ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) تفصيل للمنزلة العالية التي أعدها ـ سبحانه ـ لهم.
أى : أولئك الذين قدموا ما قدموا في دنياهم من العمل الصالح ، لهم جنات دائمة باقية ، يدخلونها هم (وَمَنْ صَلَحَ) أى : ومن كان صالحا لدخولها (مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ).
أى ؛ من أصولهم وفروعهم وأزواجهم على سبيل التكريم والزيادة في فرحهم ومسيرتهم.
وفي قوله ـ سبحانه ـ (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ ....) دليل على أن هؤلاء الأقارب لا يستحقون دخول الجنة ، إلا إذا كانت أعمالهم صالحة ، أما إذا كانت غير ذلك فإن قرابتهم وحدها لا تنفعهم في هذا اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون (إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (١).
قال الإمام ابن كثير : وقوله (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أى : يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء ، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين ، لتقر أعينهم بهم ، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى ، من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته ، بل امتنانا من الله وإحسانا ، كما قال ـ تعالى ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ، كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٢).
وقوله ـ سبحانه ـ (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ...) زيادة في تكريمهم ، وحكاية لما تحييهم به الملائكة.
__________________
(١) سورة الشعراء آية ٨٩.
(٢) راجع تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٣٧٣ ، طبعة دار الشعب ـ القاهرة.