وتسجيل لما ارتكبوه من منكرات.
وبذلك انطوت صفحة أولئك الظالمين من قوم صالح ـ عليهالسلام ـ كما انطوت من قبلهم صحائف قوم نوح وهود ـ عليهماالسلام ـ.
ومن أبرز العبر والعظات التي نأخذها من قصة صالح مع قومه كما وردت في هذه السورة الكريمة : أن النفوس إذا انطمست ، والعقول إذا انتكست ، تعجب مما لا عجب فيه ؛ وتستنكر ما هو حق وصدق ، وتسيء ظنها بالشخص الذي كان بالأمس القريب موضع رجائها وثقتها ، لأنه أتاهم بما لم يألفوه ... حتى ولو كان ما أتاهم به فيه سعادتهم وهدايتهم ...
فصالح ـ عليهالسلام ـ كان مرجوا في قومه قبل أن يكون نبيا ، فلما صار نبيا وبلغهم ما أرسله الله به ، خاب أملهم فيه ، وساء ظنهم به ، وجاهروه بالعداوة والعصيان ... مع أنه أتاهم بما يسعدهم ...
وصدق الله إذ يقول : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها ، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) (١).
هذا ، وقد وردت أحاديث تصرح بأن الرسول صلىاللهعليهوسلم قد مر على ديار ثمود وهو في طريقه إلى غزوة تبوك.
ومن هذه الأحاديث ما رواه الشيخان عن ابن عمر قال : لما مر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحجر قال : لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين ، فلا تدخلوا عليهم ، لئلا يصيبكم ما أصابهم. ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاوز الوادي.
ثم ساقت السورة الكريمة جانبا من قصة إبراهيم ـ عليهالسلام ـ مع الملائكة ، الذين جاءوه بالبشارة ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية ١٤٦.