محول عن الفاعل ، والأصل : شغفها حبها إياه.
وجملة (إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) مقررة لمضمون ما قبلها من لوم امرأة العزيز ، وتحقير سلوكها ، والمراد بالضلال : مخالفة طريق الصواب.
أى : إنا لنرى هذه المرأة بعين بصيرتنا ، وصادق علمنا. في خطأ عظيم واضح بحيث لا يخفى على أحد من العقلاء ، لأنها ـ وهي المرأة المرموقة وزوجة الرجل الكبير ـ تراود خادمها عن نفسه.
والتعبير «بإنا لنراها ...» للإشعار بأن حكمهن عليها بالضلال ليس عن جهل ، وإنما هو عن علم وروية ، مع التلويح بأنهن يتنزهن عن مثل هذا الضلال المبين الصادر عنها.
قال صاحب المنار : «وهن ما قلن هذا إنكارا للمنكر ، وكرها للرذيلة ، ولا حبا في المعروف ، ونصرا للفضيلة. وإنما قلنه مكرا وحيلة ، ليصل إليها قولهن فيحملها على دعوتهن ، وإراءتهن بأعين أبصارهن ، ما يبطل ما يدعين رؤيته بأعين بصائرهن ، فيعذرنها فيما عذلنها عليه فهو مكر لا رأى» (١).
وهنا تحكى السورة الكريمة كيف قابلت تلك المرأة الداهية الجريئة ، مكر بنات جنسها وطبقتها بمكر أشد من مكرهن بها فقال ـ تعالى ـ :
(فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَ) أى : باغتيابهن لها. وسوء مقالتهن فيها ، وسمى ذلك مكرا لشبهه به في الإخفاء والخداع.
أو قصدن بما قلنه ـ كما سبق أن أشرنا ـ إثارتها ، لكي تطلعهن على فتاها الذي راودته عن نفسه ، ليعرفن السر في هذه المراودة ، وعلى هذا يكون المكر على حقيقته. ومثل هذا المكر ليس غريبا على النساء في مثل هذه الأحوال.
وقوله : (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ ..) إلخ بيان لما فعلته معهن.
أى : أرسلت إلى النسوة اللائي وصفنها بأنها في ضلال مبين ، ودعتهن إلى الحضور إليها في دارها لتناول الطعام.
(وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) أى : وهيأت لهن في مجلس طعامها ، ما يتكئن عليه من الوسائد والنمارق وما يشبه ذلك.
فالمتكأ : اسم مفعول من الاتكاء ، وهو الميل إلى أحد الجانبين في الجلوس كما جرت بذلك
__________________
(١) تفسير المنار ج ١٢ ص ٢٩١.