ولذا أمر الله تعالى : رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يرد عليهم فقال : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ ...).
أى : قل يا محمد لهؤلاء الجاهلين المتعجلين للعذاب : إننى لا أملك لنفسي ـ فضلا عن غيرها ـ شيئا من الضر فأدفعه عنها ، ولا شيئا من النفع فأجلبه لها ، لكن الذي يملك ذلك هو الله وحده ، فهو ـ سبحانه ـ الذي يملك أن ينزل العذاب بكم في أى وقت يشاء ، فلما ذا تطلبون منى ما ليس في قدرتي. وعلى هذا التفسير يكون الاستثناء منقطعا.
ويجوز أن يكون متصلا فيكون المعنى : قل لهم يا محمد إننى لا أملك لنفسي شيئا من الضر أو النفع ، إلا ما شاء الله ـ تعالى ـ أن يجعلني قادرا عليه منهما ، فإننى أملكه بمشيئته وإرادته.
وقدم ـ سبحانه ـ الضر على النفع هنا ، لأن الآية مسوقة للرد على المشركين ، الذين تعجلوا نزول العذاب الذي هو نوع من الضر.
أما الآية التي في سورة الأعراف ، وهي قوله ـ تعالى ـ (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ ..) فقد قدم فيها النفع على الضر ، لأنها مسوقة لبيان الحقيقة في ذاتها. وهي أن الرسول صلىاللهعليهوسلم لا يملك لنفسه شيئا من التصرف في هذا الكون ، وللإشعار بأن النفع هو المقصود بالذات من تصرفات الإنسان.
وقوله : (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) تأكيد لما قبله ، وتقرير لقدرة الله ـ تعالى ـ النافذة.
أى : لكل أمة من الأمم أجل قدره الله ـ تعالى ـ لانتهاء حياتها ، فإذا حان وقت هذا الأجل هلكت في الحال دون أن تتقدم على الوقت المحدد لموتها ساعة أو تتأخر أخرى.
* * *
ثم ساقت السورة الكريمة ألوانا أخرى من الأجوبة التي لقنها الله ـ تعالى ـ لرسوله ـ صلىاللهعليهوسلم لكي يرد بها على المشركين الذين تعجلوا العذاب كما صورت أحوالهم عند ما يرون العذاب ، فقال ـ تعالى ـ :
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ