والشهيق. رد النفس إلى الصدر بصعوبة وعناء.
والمراد بهما : الدلالة على شدة كربهم وغمهم ، وتشبيه حالهم بحال من استولت على قلبه الحرارة ، واستبد به الضيق حتى صار في كرب شديد (١).
والمعنى : فأما الذين كان نصيبهم الشقاء في الآخرة ، بسبب كفرهم واقترافهم للمعاصي في الدنيا ، فمصيرهم إلى الاستقرار في النار ، لهم فيها من ضيق الأنفاس. وحرج الصدور ، وشدة الكروب ما يجعلهم يفضلون الموت على ما هم فيه من هم وغم. وخص ـ سبحانه ـ من بين أحوالهم الأليمة حالة الزفير والشهيق ؛ تنفيرا من الأسباب التي توصل إلى النار ، وتبشيعا لتلك الحالة التي فيها ما فيها من سوء المنظر ، وتعاسة الحال ...
ثم أكد ـ سبحانه ـ خلودهم في النار فقال : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ...).
أى أن الأشقياء لهم في النار العذاب الأليم ، وهم ماكثون فيها مكث بقاء وخلود لا يبرحونها مدة دوام السموات التي تظلهم ، والأرض التي تقلهم فهو في معنى قوله ـ تعالى ـ (خالِدِينَ فِيها أَبَداً).
قال الآلوسى ما ملخصه : والمقصود من هذا التعبير : التأبيد ونفى الانقطاع على منهاج قول العرب لا أفعل كذا ، ما لاح كوكب ، وما أضاء الفجر ، وما اختلف الليل والنهار ... إلى غير ذلك من كلمات التأبيد عندهم ...
وليس المقصود منه تعليق قرارهم فيها بدوام هذه السموات والأرض ، فإن النصوص القاطعة دالة على تأبيد قرارهم فيها.
وجوز أن يحمل ذلك على التعليق ، ويراد بالسموات والأرض ، سماوات الآخرة وأرضها ، وهما دائمتان أبدا ...) (٢).
أما قوله ـ سبحانه ـ (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) فقد ذكر العلماء في المقصود به أقوالا متعددة أوصلها بعضهم إلى ثلاثة عشر قولا من أشهرها :
أن هذا الاستثناء في معنى الشرط فكأنه ـ سبحانه ـ يقول :
١ ـ خالدين فيها خلودا أبديا إن شاء ربك ذلك إذ كل شيء خاضع لمشيئة ربك وإرادته ... وعليه يكون المقصود من هذا الاستثناء وأمثاله إرشاد العباد إلى وجوب تفويض الأمور
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٢ ص ١٢٦.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٢ ص ١٢٦.