أى : وتأتيه الأسباب المؤدية للموت والهلاك من كل جهة من الجهات ، ومن كل موضع من مواضع بدنه ، وما هو بميت فيستريح من هذا الشقاء والعذاب ، ومن وراء كل ذلك عذاب غليظ أى : شاق شديد لا يقل في ألمه عما هو فيه من نكال.
وشبيه بهذه الجملة قوله ـ تعالى ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها ، كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) (١).
وقوله ـ تعالى ـ (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى* الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (٢).
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد صورت لنا سوء عاقبة المكذبين للحق تصويرا مؤثرا ، تهتز له النفس ، وتوجل منه القلوب.
ثم ضرب ـ سبحانه ـ مثلا لأعمال الكافرين في حبوطها وذهابها يوم القيامة ، وساق الأدلة الدالة على قدرته القاهرة ، وصور أحوال الكافرين يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وحكى ما يقوله الضعفاء للمستكبرين وما يقوله الشيطان لأتباعه في هذا اليوم العصيب ، وما أعده الله للمؤمنين الصادقين في هذا اليوم فقال ـ تعالى ـ :
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ