والروايات التي ورد فيها فأنزل عليه هذه الآية ، في الإمكان أن تؤول أن المراد أنزل عليه شمول عموم الحسنات والسيئات لقضية السائل ، ولجميع ما يماثلها من إصابة الذنوب سوى الكبائر.
هذا ، ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه التوجيهات الحكيمة بقوله (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
أى : واصبر أيها الرسول الكريم أنت ومن معك من المؤمنين على مشاق التكاليف التي كلفكم الله ـ تعالى ـ بها ، فإنه ـ سبحانه ـ لا يضيع أجر من أحسن عملا ، بل موفى الصابرين أجرهم بغير حساب.
قال الآلوسى : ومن البلاغة القرآنية أن الأوامر بأفعال الخير أفردت للنبي صلىاللهعليهوسلم وإن كانت عامة في المعنى ، والمناهي جمعت للأمة ، للدلالة على عظم منزلة الرسول صلىاللهعليهوسلم عند ربه (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بهذه الآيات الدالة على سنن الله ـ تعالى ـ في خلقه ، وعلى الحكم التي من أجلها ساق الله ـ تعالى ـ تلك القصص في كتابه فقال ـ تعالى ـ :
(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٢ ص ١٤٣.