فطريق واحد.
وقوله ـ سبحانه ـ : (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) احتراس لبيان أن نقل الناس من حال إلى حال إنما هو بإرادة ـ الله ـ تعالى ـ ومشيئته ، وأن الرسول ما هو إلا مبلغ فقط ، أما الهداية فمن الله وحده.
ثم بين ـ سبحانه ـ بعض مظاهر قدرته فقال : (اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ...).
أى : الله ـ تعالى ـ وحده هو الذي له ما في السموات وما في الأرض ملكا وملكا وخلقا لا يشاركه في ذلك مشارك ، ولا ينازعه منازع.
ولفظ الجلالة قرأه الجمهور بالجر على أنه بدل أو عطف بيان من العزيز الحميد.
وقرأه نافع وابن عامر بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى : هو الله الذي له ما في السموات وما في الأرض.
وجملة «وويل للكافرين من عذاب شديد» تهديد ووعيد لمن كفر بالحق وأعرض عنه.
ولفظ «ويل» مصدر لا يعرف له فعل من لفظه مثل «ويح» وجاء مرفوعا للدلالة على الثبات والدوام ، ومعناه الهلاك أو الفضيحة أو الحسرة ، أى : الله ـ تعالى ـ هو الذي له ما في السموات وما في الأرض ، وويل للكافرين بما أنزلناه إليك ـ أيها الرسول الكريم ـ من عذاب شديد سينزل بهم ، فيجعلهم يستغيثون دون أن يجدوا من يغيثهم.
ثم وصف ـ سبحانه ـ هؤلاء الكافرين بجملة من الصفات الذميمة ، التي أردتهم وأهلكتهم فقال ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، وَيَبْغُونَها عِوَجاً ...).
ويستحبون : بمعنى يحبون ، فالسين والتاء للتأكيد ، أى : يختارون ويؤثرون ولذا عداه بعلى. أى : يختارون شهوات الحياة الدنيا. ويؤثرون لذائذها ومتعها على الدار الآخرة وما فيها من نعيم وخيرات ...
«ويصدون» من الصد ، وهو صرف الغير عن الشيء ومنعه منه يقال : صد فلان فلانا عن فعل الشيء ، إذا منعه من فعله.
وسبيل الله : طريقه الموصلة إليه وهو ملة الإسلام.
ويبغون من البغاء ـ بضم الباء ـ بمعنى الطلب. يقال : بغيت لفلان كذا ، إذا طلبته له ، وبغيت الشيء أبغيه بغاء وبغى وبغية إذا طلبته.