وأم هنا بمعنى بل ، والاستفهام للإنكار.
أى : إنهم ما اتخذوا لله ـ تعالى ـ شركاء يخلقون مثل خلق الله ـ تعالى ـ حتى نقول إن ما خلقوه تشابه مع خلقه ـ تعالى ـ فنلتمس لهم شيئا من العذر ، ولكنهم اتخذوا معه ـ سبحانه آلهة أخرى «لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ، وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ...».
فالجملة الكريمة تنعى عليهم جهلهم. حيث عبدوا من دون الله مخلوقا مثلهم ، وتنفى أى عذر يعتذرون به يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم.
وقوله : «كخلقه» في معنى المفعول المطلق. أى : خلقوا خلقا شبيها بما خلقه الله ـ تعالى ـ. وجملة «فتشابه» معطوفة على جملة «خلقوا».
ثم أمر ـ سبحانه ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم للمرة الخامسة بأن يقذفهم بالحق الذي يدفع باطلهم فقال ـ تعالى ـ (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
أى : قل لهم ـ أيها الرسول الكريم ـ : الله ـ تعالى ـ هو الخالق لكل شيء في هذا الكون ، وهو ـ سبحانه ـ الواحد الأحد الفرد الصمد ، القهار لكل ما سواه ، والغالب لكل من غالبه.
ثم ضرب ـ سبحانه ـ مثلين للحق هما الماء الصافي والجوهر النقي اللذان ينتفع بهما ، ومثلين للباطل هما زبد الماء وزبد الجوهر اللذان لا نفع فيهما فقال ـ تعالى ـ (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها ، فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً).
والأودية : جمع واد وهو الموضع المتسع الممتد من الأرض الذي يسيل فيه الماء بكثرة.
والسيل : الماء الجاري في تلك الأودية.
والزبد : هو الغثاء الذي يعلو على وجه الماء عند اشتداد حركته واضطرابه أو ما يعلو القدر عند الغليان ويسمى بالرغوة والوضر والخبث لعدم فائدته ، ورابيا : من الربو بمعنى العلو والارتفاع.
والمعنى : أنزل الله ـ تعالى ـ من السماء ماء كثيرا ، ومطرا مدرارا ، فسالت أودية بقدرها ، أى : فسالت المياه في الأودية بسبب هذا الإنزال ، بمقدارها الذي حدده الله ـ تعالى ـ واقتضته حكمته في نفع الناس.
أو بمقدارها قلة وكثرة ، بحسب صغر الأودية وكبرها ، واتساعها وضيقها «فاحتمل السيل زبدا رابيا» أى فحمل الماء السائل في الأودية بكثرة وقوة ، غثاء عاليا مرتفعا فوق الماء طافيا