من أجلها سيقت الأمثال ، وهي التذكر والتفكير والاعتبار. أى : ويضرب الله ـ تعالى ـ الأمثال للناس رجاء أن يعتبروا ويتعظوا ويتذكروا ما أمرهم ـ سبحانه ـ بتذكره إذ ضرب الأمثال تقريب للبعيد ، وتقرير للقريب ، وتصوير للمعاني المعقولة بالصور المحسوسة.
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ مثال كلمة الإيمان ، أتبعه بمثال كلمة الكفر فقال : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) وهي كلمة الكفر.
(كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) أى قبيحة لا نفع فيها ، ولا خير يرجى منها.
(اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) أى : اقتلعت جثتها وهيئتها من فوق الأرض ، لقرب عروقها وجذورها من سطحها.
يقال : اجتثثت الشيء اجتثاثا ، إذا اقتلعته واستأصلته ، وهو افتعال من لفظ الجثة وهي ذات الشيء.
وقوله : (ما لَها مِنْ قَرارٍ) تأكيد لمعنى الاجتثاث لأن اجتثاث الشيء بسهولة ، سببه عدم وجود أصل له.
أى : ليس لها استقرار وثبات على الأرض ، وكذلك الكفر لا أصل له ولا فرع ، ولا يصعد للكافر عمل ، ولا يتقبل منه شيء.
والمراد بهذه الشجرة الخبيثة : شجرة الحنظل فعن أنس بن مالك أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة هي الحنظلة ...» (١).
وقيل : شجرة الثوم ، وقيل : شجرة الشوك ... وقيل كل شجر لا يطيب له ثمر ، وفي رواية عن ابن عباس أنها شجرة لم تخلق على الأرض ...
وقال : ابن عطية : الظاهر أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة جامعة لتلك الأوصاف التي وصفها الله بها.
وقوله سبحانه ـ : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) بيان لفضل الله ـ تعالى ـ على هؤلاء المؤمنين ، ولحسن عاقبتهم ..
والمراد بالحياة الدنيا : مدة حياتهم في هذه الدنيا.
والمراد بالآخرة : ما يشمل سؤالهم في القبر وسؤالهم في مواقف القيامة.
والمعنى : يثبت الله ـ تعالى ـ الذين آمنوا بالقول الثابت أى : الصادق الذي لا شك فيه،
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤١٣.