ثم صرح لهم سادسا : بأنه قد كفر بما اعتقدوه فيه وأثبتوه له ، وهو إشراكه مع الله ـ تعالى ـ فتضاعفت عليهم الحسرات ، وتوالت عليهم المصائب.
وإذا كانت جملة «إن الظالمين لهم عذاب أليم» من تتمة كلامه ـ كما ذهب إليه البعض ـ فهو نوع سابع من كلامه الذي خاطبهم به ، فيكون قد أثبت لهم الظلم ، وذكر لهم جزاءه» (١).
وبعد هذا الحديث عن سوء عاقبة الكافرين .. بين ـ سبحانه ـ ما أعده للمؤمنين من ثواب جزيل ، وأجر عظيم فقال ـ تعالى ـ :
(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ).
أى : وأدخل الله ـ تعالى ـ في هذا اليوم ، وهو يوم القيامة ، الذين آمنوا بكل ما يجب الإيمان به ، وعملوا الأعمال الصالحة ، أدخلهم ـ سبحانه ـ جنات تجرى من تحت ثمارها وأشجارها الأنهار ، حالة كونهم خالدين فيها خلودا أبديا لا موت معه ولا تعب.
وجاء التعبير بصيغة الماضي لتحقيق الوقوع ، وتعجيل البشارة ، وقوله ، (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) أى : بإرادته ـ سبحانه ـ وتوفيقه وهدايته لهم.
وقوله (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) أى : تحيتهم في الجنة سلام لهم من خالقهم ـ عزوجل ـ ومن الملائكة ، ومن بعضهم لبعض.
كما قال ـ تعالى ـ : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) (٢).
وكما قال ـ تعالى ـ : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ ..) (٣).
وكما قال ـ سبحانه ـ : (وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) (٤).
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد بينت بأبلغ أسلوب بوار أعمال الذين كفروا ، وسوء أحوالهم يوم القيامة ، كما بينت حسن عاقبة المؤمنين ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.
__________________
(١) تفسير الشوكانى ج ٣ ص ١٠٤.
(٢) سورة الأحزاب الآية ٤٤.
(٣) سورة الرعد الآية ٢٣ ، ٢٤.
(٤) سورة الفرقان الآية ٧٥.