المال. من الإبل والرقيق والخيل والغنم. فقال : إذا آتاك الله مالا فلير عليك ثم قال : هل تنتج إبلك صحاحا آذانها ، فتعمد إلى موسى فتقطع آذانها فتقول : هذه بحر. وتشق جلودها وتقول ؛ هذه صرم وتحرمها عليك وعلى أهلك. قال : نعم. قال : فإن ما آتاك الله لك حل. ساعد الله أشد من ساعدك. وموسى الله أحد من موساك» (١).
وقوله : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) استفهام قصد به التوبيخ والزجر أى : قل لهم يا محمد على سبيل التوبيخ والزجر : إن الله وحده هو الذي يملك التحليل والتحريم ، فهل هو ـ سبحانه ـ أذن لكم في ذلك ، أو إنما أنتم الذين حللتم وحرمتم على حسب أهوائكم. لأنه لو أذن لكم في ذلك لبينه على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم.
قال صاحب الكشاف : «وقوله : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) متعلق بأرأيتم ، وقل تكرير للتوكيد. والمعنى أخبرونى آلله أذن لكم في التحليل والتحريم ، فأنتم تفعلون ذلك بإذنه ، أم تكذبون على الله في نسبة ذلك إليه. ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار وأم منقطعة ، بمعنى : بل أتفترون على الله ، تقريرا للافتراء.
ثم قال : وكفى بهذه الآية زاجرا بليغا عن التجوز فيما يسأل عنه من الأحكام ، وباعثة على وجوب الاحتياط فيه ، وأن لا يقول أحد في شيء جائز أو غير جائز إلا بعد إيقان وإتقان ، ومن لم يوقن فليتق الله وليصمت وإلا فهو مفتر على الله» (٢).
ثم توعدهم ـ سبحانه ـ بسوء المصير على جرأتهم وكذبهم فقال (وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ ...).
أى : هؤلاء الذين أحلوا وحرموا افتراء على الله ماذا يظنون أن الله سيفعل بهم يوم القيامة؟ أيظنون أن الله سيتركهم بدون عقاب؟ كلا إن عقابهم لشديد بسبب افترائهم عليه الكذب.
وأبهم ـ سبحانه ـ هذا العقاب للتهويل والتعظيم ، حيث أباحوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله ـ تعالى ـ :
وقال ـ سبحانه ـ (وَما ظَنُّ ...) بصيغة الماضي لتحقيق الوقوع ، وأكثر أحوال القيامة يعبر عنها بهذه الصيغة لهذا الغرض.
وقوله : (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) تذييل قصد به حض الناس على شكر خالقهم ، واتباع شريعته فيما أحل وحرم.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٤٢٣.
(٢) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٤٢.