١ ـ أن الداعي إلى الله ، عليه أن يذكر المدعوين بما يستثير مشاعرهم ، ويحقق اطمئنانهم إليه ، ويرغبهم في اتباع الحق ، ببيان أن اتباعهم لهذا الحق سيؤدي إلى زيادة غناهم وقوتهم وأمنهم وسعادتهم.
وأن الانحراف عنه سيؤدي إلى فقرهم وضعفهم وهلاكهم.
انظر إلى قول هود ـ عليهالسلام ـ : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ، وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ ، وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ).
٢ ـ وأن الداعي إلى الله ـ تعالى ـ عند ما يخلص لله دعوته ، ويعتمد عليه ـ سبحانه ـ في تبليغ رسالته ، ويغار عليها كما يغار على عرضه أو أشد.
فإنه في هذه الحالة سيقف في وجه الطغاة المناوئين للحق ، كالطود الأشم ، دون مبالاة بتهديدهم ووعيدهم .. لأنه قد أوى إلى ركن شديد.
وهذه العبرة من أبرز العبر في قصة هود عليهالسلام.
ألا تراه وهو رجل فرد يواجه قوما غلاظا شدادا طغاة ، إذا بطشوا بطشوا جبارين ، يدلون بقوتهم ويقولون في زهو وغرور : من أشد منا قوة.
ومع كل ذلك عند ما يتطاولون على عقيدته ؛ ويراهم قد أصروا على عصيانه.
يواجههم بقوله : (إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ ..).
أرأيت كيف واجه هود ـ عليهالسلام ـ هؤلاء الغلاظ الشداد بالحق الذي يؤمن به دون مبالاة بوعيدهم أو تهديدهم ..؟
وهكذا الإيمان بالحق عند ما يختلط بالقلب ... يجعل الإنسان يجهر به دون أن يخشى أحدا إلا الله ـ تعالى ـ.
ثم واصلت السورة الكريمة حديثها عن قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم فتحدثت عن قصة صالح ـ عليهالسلام ـ مع قومه ، فقال ـ تعالى ـ
(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١)