عليه ، لا نفع فيه ولا فائدة منه.
وإلى هنا يكون قد انتهى المثل الأول ، حيث شبه ـ سبحانه ـ الحق وأهله في الثبات والنفع بالماء الصافي الذي ينزل من السماء فتمتلئ به الأودية ويبقى محل انتفاع الناس به إلى الوقت المحدد في علم الله ـ تعالى ـ.
وشبه الباطل وشيعته في الاضمحلال وعدم النفع ، بزبد السيل المنتفخ المرتفع فوق سطح الماء ، فإنه مهما علا وارتفع فإنه سرعان ما يضمحل ويفنى وينسلخ عن المنفعة والفائدة.
ثم ابتدأ ـ سبحانه ـ في ضرب المثل الثاني فقال : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ).
و «من» في قوله «ومما يوقدون» لابتداء الغاية ، وما موصولة ، ويوقدون من الإيقاد وهو جعل الحطب وما يشبهه في النار ليزيد اشتعالها.
والجملة في محل رفع خبر مقدم ، وقوله «زبد» مبتدأ مؤخر.
والحلية : ما يتحلى به الإنسان من الذهب والفضة وغيرهما.
والمتاع : ما يتمتع به في حياته من الأوانى والآلات المتخذة من الحديد والرصاص وأشباههما.
والضمير في قوله «مثله» يعود إلى الزبد في قوله ـ تعالى ـ (زَبَداً رابِياً).
وقد قرأ حمزة والكسائي وحفص «يوقدون» وقرأ الباقون توقدون بالتاء.
والضمير للناس ، وأضمر مع عدم سبق ذكره لظهوره.
والمعنى : وشبيه بالمثل السابق في خروج الزبد والخبث وطرحه بعيدا عن الأشياء النافعة ، ما توقدون عليه النار من المعادن والجواهر ، لكي تستخرجوا منها ما ينفعكم من الحلي والأمتعة المتنوعة ، فإنكم في مثل هذه الحالة ، تبقون على النقي النافع منها ، وتطرحون الزبد والخبث الذي يلفظه الكير ، والذي هو مثل زبد السيل في عدم النفع.
فقد شبه ـ سبحانه ـ في هذا المثل الثاني الحق وأهله في البقاء والنفع بالمعادن النافعة الباقية ، وشبه الباطل وحزبه في الفناء وعدم النفع بخبث الحديد الذي يطرحه كير الحداد ، ويهمله الناس.
ثم بين ـ سبحانه ـ المقصود من ضرب هذه الأمثال فقال : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ).
أى : مثل ذلك البيان البديع ، يضرب الله الأمثلة للحق وللباطل إذا اجتمعا بأن يبين بأنه