وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (١).
وقد فصل القول في معنى هذه الجملة الكريمة الإمام الآلوسى فقال ـ رحمهالله ـ ما ملخصه :
وقوله : «ويسبح الرعد» قيل هو اسم للصوت المعلوم ، والكلام على حذف مضاف أى : ويسبح سامعو الرعد بحمده ـ سبحانه ـ رجاء للمطر.
ثم قال : والذي اختاره أكثر المحدثين كون الإسناد حقيقيا بناء على أن الرعد اسم للملك الذي يسوق السحاب ، فقد أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وآخرون عن ابن عباس أن اليهود سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : أخبرنا ما هذا الرعد؟ فقال : «ملك من ملائكة الله ـ تعالى ـ موكّل بالسحاب ، بيديه مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله ـ تعالى ـ قالوا. فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال صوته ـ قالوا : صدقت».
ثم قال : واستشكل بأنه لو كان علما للملك لما ساغ تنكيره ، وقد نكر في سورة البقرة في قوله ـ تعالى ـ (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ).
وأجيب بأن له إطلاقين : ثانيهما إطلاقه على نفس الصوت ، والتنكير على هذا الإطلاق ...» (٢).
والذي نراه أن تسبيح الرعد بحمد الله يجب الإيمان به ، سواء أكان الرعد اسما لذلك الصوت المخصوص ؛ أم اسما لملك من الملائكة ، أما كيفية هذا التسبيح فمردها إلى الله.
قال الإمام الشوكانى : «ويسبح الرعد بحمده» أى يسبح الرعد نفسه بحمد الله. أى : متلبسا بحمده ، وليس هذا بمستبعد ، ولا مانع من أن ينطقه الله بذلك.
وأما على تفسير الرعد بملك من الملائكة فلا استبعاد في ذلك ، ويكون ذكره على الإفراد مع ذكر الملائكة بعده لمزيد خصوصية له. وعناية به» (٣).
وقال الإمام ابن كثير : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ... عن سالم عن أبيه قال : كان
__________________
(١) سورة الإسراء الآية ٤٤.
(٢) راجع تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ١٠٦ ـ طبعة منير الدمشقي.
(٣) تفسير فتح القدير للشوكانى ج ٣ ص ٧٢.