كإطعام الطعام ، ومساعدة المحتاجين ، وإكرام الضيف ، إلى غير ذلك من الأعمال الطيبة.
والرماد : ما يتبقى من الشيء بعد احتراق أصله ، كالمتبقى من الخشب أو الحطب بعد احتراقهما.
والعاصف : من العصف وهو اشتداد الريح ، وقوة هبوبها.
قال الجمل : وقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) فيه أوجه للإعراب : أحدها وهو مذهب سيبويه : أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره : فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا ، وتكون الجملة من قوله (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ ...) مستأنفة جواب لسؤال مقدر ، كأنه قيل : كيف مثلهم ..؟ فقيل : كيت وكيت.
والثاني : أن يكون «مثل» مبتدأ و «أعمالهم» مبتدأ ثان ، و «كرماد» خبر المبتدأ الثاني ، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول ...» (١).
والمعنى : حال أعمال الذين كفروا في حبوطها وذهابها وعدم انتفاعهم بشيء منها في الآخرة ، كحال الرماد المكدس الذي أتت عليه الرياح العاصفة ، فمحقته وبددته ، ومزقته تمزيقا لا يرجى معه اجتماع.
فالآية الكريمة تشبيه بليغ لما يعمله الكافرون في الدنيا من أعمال البر والخير.
ووجه الشبه : الضياع والتفرق وعدم الانتفاع في كل ، فكما أن الريح العاصف تجعل الرماد هباء منثورا ، فكذلك أعمال الكافرين في الآخرة تصير هباء منثورا ، لأنها أعمال بنيت على غير أساس من الإيمان وإخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ.
ووصف ـ سبحانه ـ اليوم بأنه عاصف ـ مع أن العصف شدة الريح ـ للمبالغة في وصف زمانها ـ وهو اليوم ـ بذلك ، كما يقال : يوم حار ويوم بارد ، مع أن الحر والبرد فيهما وليس منهما.
وقوله ـ سبحانه ـ (لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ) بيان للمقصود من التشبيه ، وهو أن هؤلاء الكافرين ، لا يقدرون يوم القيامة ، على الانتفاع بشيء مما فعلوه في الدنيا من أفعال البر والخير ، لأن كفرهم أحبطها فذهب سدى دون أن يستفيدوا منها ثوابا ، أو تخفف عنهم عذابا.
قال الآلوسى : «وفي الصحيح عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنها قالت : يا رسول
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٥٢٠.