وإن كان ذلك بعد القبض ـ وهو التخلية بين المشتري وبينها ـ فهي من ضمان المشتري ـ ولا فرق بين أن يكون التلف بأمر سماوي ، كالريح والثلج والبرد ، أو بغير سماوي ، كالسرقة والحريق ، ولا بين أن يكون التالف أقلّ من الثلث أو أكثر ـ وبه قال أبو حنيفة ، وهو الجديد من قولي الشافعي (١) ، لأنّ امرأة أتت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالت : إنّ ابني اشترى ثمرة من فلان ، فأذهبتها الجائحة ، فسأله أن يضع عنه ، فتألّى (٢) أن لا يفعل ، فقال عليهالسلام : « تألّى فلان أن لا يفعل خيرا » (٣) ولو كان ذلك واجبا عليه ، لأجبره عليه.
ولأنّ التخلية يتعلّق بها جواز التصرّف فيغلب الضمان ، كالنقل والتحويل.
وقال في القديم : إذا تلفت بعد القبض ، فهي من ضمان البائع أيضا ـ فإن تلفت كلّها ، انفسخ العقد. وإن تلف بعضها ، انفسخ فيه. وهل ينفسخ في الباقي؟ مبنيّ على قولي تفريق الصفقة ـ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بوضع الجوائح ، ونهى عن بيع السنين (٤).
ولأنّ التخلية ليست بقبض صحيح ، ولهذا لو عطشت الثمرة ، كان من ضمان البائع إذا تلفت (٥).
__________________
(١) المغني ٤ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٩.
(٢) أي : حلف ، مشتقّ من الألية ، وهي اليمين.
(٣) الموطّأ ٢ : ٦٢١ ، ١٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٥ ، مسند أحمد ٧ : ٢٥٢ ، ٢٤٢٢١ ، المغني ٤ : ٢٣٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.
(٤) سنن الدار قطني ٣ : ٣١ ، ١١٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٦.
(٥) الوجيز ١ : ١٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٩٣ ،