وإن كان معسرا ، لم يسقط حقّ المجنيّ عليه من الرقبة ما لم يجز البيع أوّلا ، فإنّ البائع إنّما يملك نقل حقّه عن رقبته بفدائه ولا يحصل من ذمّة المعسر ، فيبقى الحقّ مقدّما على حقّ المشتري ، ويتخيّر المشتري الجاهل في الفسخ ، فيرجع بالثمن معه أو مع الاستيعاب ، لأنّ أرش مثل هذا جميع ثمنه. وإن لم تستوعب ، رجع بقدر أرشه. ولو علم تعلّق الحقّ به ، فلا رجوع.
ولو اختار المشتري الفداء ، فله ، والبيع بحاله ، لقيامه مقام البائع في التخيّر ، وحكمه في الرجوع فيما فداه به على البائع حكم قضاء الدّين عنه.
وللشافعي في المعسر قولان : البطلان ، صيانة لحقّ المجنيّ عليه ، وإثبات الخيار للمجنيّ عليه ، فينفسخ البيع ويباع في الجناية (١).
وإن أوجبت قصاصا ، تخيّر المشتري الجاهل بين الردّ والأرش ، فإن اقتصّ منه ، احتمل تعيّن الأرش ، وهو قسط قيمة ما بينه جانيا وغير جان ، ولا يبطل البيع من أصله ـ وبه قال أحمد وبعض الشافعيّة (٢) ـ لأنّه تلف عند المشتري بالعيب الذي كان فيه ، فلم يوجب الرجوع بجميع الثمن ، كالمريض والمرتدّ.
وقال أبو حنيفة والشافعي : يرجع بجميع الثمن ، لأنّ تلفه لمعنى استحقّ عليه عند البائع ، فجرى مجرى إتلافه (٣).
وينتقض بالردّة والمرض ، والتلف غير الإتلاف.
ولو أوجبت قطع عضو فقطع عند المشتري ، فقد تعيّب في يده ، فإنّ
__________________
(١) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.
(٢) المغني ٤ : ٢٧٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٨.
(٣) المغني ٤ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢١٨.