وقال عمر لأبي بكر وهو على المنبر : ما يجلسك على المنبر وهذا جالس محارب لا يقوم فيبايعك! أو تأمر به فنضرب عنقه؟ هذا والحسنان قائمان عند رأس أبيهما فلما سمعا مقالة عمر بكيا وصرخا : يا جدّاه يا رسول الله! فضمهما علي عليهالسلام إلى صدره وقال لهما : لا تبكيا ، فو الله لا يقدران على قتل أبيكما ، هما أقل وأذلّ وأدحر من ذلك.
فأقبلت أم سلمة وأم أيمن فقالتا لأبي بكر : يا عتيق ، ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمد! فقال عمر : ما لنا وللنساء! وأمر بهما أن تخرجا من المسجد!
ثم قال لعلي عليهالسلام : يا علي قم فبايع. فقال علي عليهالسلام : وإن لم أفعل؟ قال : إذا والله تضرب عنقك! فقال عليهالسلام كذبت والله يا ابن صهاك ، لا تقدر على ذلك ، أنت أضعف من ذلك. ثم مدّ يده من غير أن يفتح كفّه فضرب عليها أبو بكر ورضى بذلك ، فتوجّه علي عليهالسلام إلى منزله وتبعه الناس (١).
هذان خبران عن ابن عباس وسلمان عليهما الرضوان ، برواية سليم الهلالي العامري عنهما ، هما أقدم وأقوم ما لدى شيعة أهل البيت عليهمالسلام من تفصيل مطالبتهم البيعة من علي عليهالسلام ، وفيهما احتجاجه عليهم حتى بنص الغدير ، كما مر.
وروى الطبري الإمامي (ق ٤ ه) في «المسترشد» بسنده عن الإمام السجاد عليهالسلام حدّث أبا حمزة الثمالي حديثا في ذلك جاء فيه : أخرجوه وانطلقوا به إلى أبي بكر حتى أجلسوه بين يديه! فقال له أبو بكر : بايع! قال : فإن لم أفعل؟ قال : إذا والله الذي لا إله إلّا هو نضرب أو تضرب عنقك! فالتفت إلى القبر وقرأ الآية ثم قام فبايع.
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٨٦٥ ـ ٨٦٨. وفي خبر تفسير العياشي ٢ : ٦٨ : أن ذلك بلغ العباس بن عبد المطّلب فأقبل يهرول ويقول : ارفقوا بابن أخي ولكم عليّ أن يبايعكم ، حتى وقف على عليّ فأخذ بيده وجرّها حتى مسح بها على يد أبي بكر ، وعليّ مغضب ، ثم خلّوه.