وجماعة كثيرة من الناس عنده فيقول لهم كيت وكيت ، فإن كانت لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك ، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك ، والسلام» (١).
فكتب إليه عثمان : «أما بعد ، فقد جاءني كتابك وفهمت ما ذكرت عن أبي ذر جنيدب! فابعث به إليّ واحمله على أغلظ المراكب وأوعرها ، وابعث معه دليلا يسير به الليل والنهار ، حتى لا ينزل من مركبه فيغلبه النوم فينسيه ذكري وذكرك (٢)! فاحمل أبا ذر على ناقة صعبة وقتب ، ثم ابعث معه من ينخس به نخسا عنيفا حتى يقدم به عليّ ، والسلام» (٣).
أبو ذر في طريقه ، وخطبته :
قال الراوي : فبعث معاوية إلى أبي ذر فأحضره وأقرأه كتاب عثمان وقال له : النجا ، الساعة! فخرج أبو ذر إلى راحلته فشدها بكورها وأنساعها ، فاجتمع إليه الناس يسألونه : أين يريد؟ فقال لهم : أخرجوني إليكم غضبا عليّ ، ويخرجوني منكم إليهم الآن عبثا بي! ولا يزال هذا الأمر شأنهم فيما بيني وبينهم فيما أرى حتى يستريح برّ أو يستراح من فاجر! وتسامع الناس بمخرجه فخرجوا معه حتى دير مرّان ، فنزل ونزلوا للصلاة ، فصلّى بهم ثم خطبهم فقال : أيها الناس ، إني موصيكم بما ينفعكم ، احمدوا الله عزوجل ، فقالوا : الحمد لله.
__________________
(١) أمالي المفيد : ١٦٢ ، م ٢٠ ، الحديث ٤ ، عن الثقفي الكوفي أيضا عن ابن صهبان الأزدي الشامي.
(٢) كما في بحار الأنوار ٣١ : ٢٩٣ عن القسم الثاني من تقريب المعارف عن كتاب الدار (للواقدي).
(٣) كما في بحار الأنوار ٣١ : ٢٩٠ المصدر السابق.