هودج عائشة وجملها :
ولمّا عزمت عائشة على الخروج أمرت فعمل لها هودج من حديد وإنما جعل لها فيه موضع عينيها (١) ولذا فإنهم احتاجوا إلى جمل قويّ.
فروى الطبري عن العرني صاحب الجمل قال : بينما أنا أسير على جملي إذ عرض لي راكب فناداني : يا صاحب الجمل ، تبيع جملك؟ قلت : نعم ، قال : بكم؟ قلت : بألف درهم! قال : أنت مجنون؟ جمل بألف درهم! قلت : نعم! قال : وممّ ذلك؟ قلت : ما طلبت عليه أحدا إلّا أدركته ، ولا طلبني عليه أحد إلّا فتّه! قال : لو تعلم لمن نريده لأحسنت بيعنا! قلت : ولمن تريده؟ قال : إنما اريده لام المؤمنين عائشة! قلت : فخذه بغير ثمن! قال : لا ، ولكن ارجع معنا فلنعطك ناقة مهريّة ونزيدك دراهم ، فرجعت معه فأعطوني ناقتها المهرية وزادوني أربعمائة أو ستمائة درهم (٢) وذلك من مال يعلى بن أميّة ، والبعير كان يسمّى عسكرا ، وكان عظيم الخلق شديدا ، فلما رأته أعجبها وأنشأ الجمّال يحدّثها بقوته وشدّته ويسميه العسكر ، فلما سمعت ذلك استرجعت وقالت : ردّه! لا حاجة لي فيه! فسئلت عن سبب ذلك فذكرت : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله ذكر لها هذا الاسم ونهاها عن ركوبه!
وحاولوا أن يجدوا لها غيره فلم يجدوا ما يشبهه شدّة وقوة ، فغيّروا لها جلاله وقالوا لها : قد أصبنا لك أعظم منه خلقا وأشدّ قوة ، وأتوها به ، فرضيت به (٣).
__________________
(١) الإمامة والسياسية ١ : ٥٢.
(٢) الطبري ٤ : ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ، وفي رجال الكشي : ١٣ ، الحديث ٣١ ، عن الباقر عليهالسلام : أنهم اشتروه بسبعمائة درهما. وكان شيطانا!
(٣) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ عن كتاب الجمل لأبي مخنف.