أما والله لأنا أعزّ نفرا وأقرب ناصرا وأكثر عددا ، وأقمن إن قلت هلمّ أتى إليّ ـ ، ولقد أعددت لكم أقرانكم وكسرت لكم عن نابي ، وأخرجتم منّي خلقا لم أكن أحسنه ومنطقا لم أنطق به. فكفّوا عليكم ألسنتكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم ، فإني قد كففت عنكم من لو كان هو الذي يكلّمكم لرضيتم منه بدون منطقي هذا.
ألا فما تفقدون من حقكم؟ والله ما قصّرت في بلوغ ما كان يبلغ من كان قبلي ومن لم تكونوا تختلفون عليه. فضل فضل من مال فمالي لا أصنع في الفضل ما اريد؟ فلم كنت إماما (١)؟ ما عاب عليّ ـ من عاب منكم ـ أمرا أجهله ، ولا أتيت الذي أتيت إلّا وأنا أعرفه (٢).
سراية النقمة إلى العراق :
كان الذين حضروا دفن أبي ذر «عصابة من المؤمنين» منهم مالك الأشتر النخعي وحجر بن عدي الكندي في نفر كلهم يمانيون كوفيون (٣) وحملوا معهم ابنته إلى المدينة ، وكانوا من آخر حجّاج العراق في موسم الحج ، حجّوا وزاروا المدينة وحملوا أخبارها والخليفة بها معهم إلى الكوفة في سنة (٣٣ ه) أي قبل مقتل عثمان بعامين.
وقد نقل البلاذري بإسناده : أن أهل الكوفة ـ ومعهم كعب بن عبدة النهدي ـ التقوا بأهل البصرة ومعهم المثنى بن مخرمة العبدي ، وبأهل مصر ومعهم
__________________
(١) نقله المفيد في الجمل : ١٨٩ عن المدائني ، وقبله الطبري ٤ : ٣٣٨ عن الواقدي.
(٢) ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : ٢٨ بسنده عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهالسلام ، وانظر سائر مصادره في حاشية الجمل : ١٨٩.
(٣) الاستيعاب : ٨٣.