قوم منهم وتعبّدوا حتى ثفنت جباههم ، فاستخدمهم عثمان بن حنيف حرّاسا له ولبيت المال وقاوموا طلحة والزبير في يوم الجمل الأصغر فقتلهم الزبير بيده.
وكأنّ قوما منهم لما دخل الإمام البصرة وسمعوا عنه ورأوا منه بعض الخوارق قالوا فيه بالغلو ، فقد قال الحلبي : روي أن سبعين رجلا من الزطّ (البحّارة السنديين) أتوه يدعونه إلها وسجدوا له! فقال لهم : ويلكم لا تفعلوا هذا فإنما أنا مخلوق مثلكم ، فأبوا عليه! فقال لهم : فإن لم ترجعوا عمّا قلتم فيّ وتتوبوا إلى الله لأقتلنّكم! فأبوا أيضا!
فأمر عليهالسلام أن يحفروا لهم أخاديد ويوقدوا فيها نارا ، فلم يزالوا مصرّين!
ولم نعلم باسم قنبر في البصرة إلّا هنا فقد ورد في الخبر : أن أمير المؤمنين عليهالسلام أمره فكان يحملهم واحدا بعد آخر وعلى منكبه فيقذف بهم في أخاديد النيران ولا يرجعون! فروي عن الإمام عليهالسلام أنه هنا أخذ يقول شعرا :
إني إذا أبصرت أمرا منكرا |
|
أوقدت نارا ودعوت قنبرا |
ثم احتفرت حفرا فحفرا |
|
وقنبر يخطم خطما منكرا (١) |
وأملى لهم أساس النحو :
وحيث كثر غير العرب من الفرس والهنود بالبصرة كثر لحنهم في العربية ، وسمعهم الإمام عليهالسلام ، فروى عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي البغدادي الشامي الزجاجي (م ٣٣٩ ه) منسوبا إلى شيخه الزجاج النحوي (م ٣١٠ ه) في كتابه «الأمالي» بسنده إلى أبي الأسود الدؤلي الكناني قال : دخلت على أمير المؤمنين
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ١ : ٣٢٥ ، بعنوان الردّ على الغلاة. وخطم وحطم بمعنى واحد وقنبر كان فارسيا واسمه معرّب مركّب أي يذهب بالغمّ : غمبر وهذا أول ذكره مع الإمام عليهالسلام.