نهيه عن التمتع بالعمرة في الحج :
منذ عام (٢٥) بدأ عثمان يحج حتى عام (٣٤) ، وفي أول حجة له بعد أبي بكر وعمر ومع اشتراط عبد الرحمن بن عوف على عثمان أن يسير بسيرتهما ، سار عثمان على سيرة عمر في النهي عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فحجّ إفرادا لا تمتّعا ، وحج معه علي عليهالسلام تمتعا وقال في تلبيته : لبّيك عمرة وحجة معا ، وهكذا كان يلبّي بهما جميعا في طريقه حتى سمعه عثمان فسأل عنه : من هذا؟ فقالوا : علي! فلما رآه قال له : ألم تعلم أني قد نهيت عن هذا؟ قال عليهالسلام : بلى! ولكن لم أكن لأدع قول رسول الله صلىاللهعليهوآله لقول أحد من الناس (١).
ولما بلغوا منزل الجحفة قرب رابغ ، وهي ميقات أهل الشام ، لحق بهم رهط من أهل الشام معهم حبيب بن مسلمة الفهري فقال لهم عثمان : خلّصوا الحجّ في أشهر الحجّ ، فإنكم لو أخّرتم العمرة حتى تزوروا البيت زورتين كان أفضل ، فإن الله قد وسّع في الخير. وكان علي عليهالسلام حاضرا فقال له : عمدت إلى سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ورخصة رخّص للعباد بها في كتابه تضيّق عليهم فيها وتنهى عنها ، وهي لذي الحاجة ولنائي الدار؟
فالتفت عثمان إلى الناس وقال لهم : إني لم أنه عنها إنما كان رأيا أشرت به ، فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه.
فقال رجل من أهل الشام لحبيب بن مسلمة : انظر إلى هذا كيف يخالف أمير المؤمنين؟ والله لو أمرني لضربت عنقه! فضرب حبيب في صدره وقال له : اسكت فضّ الله فاك فان أصحاب رسول الله أعلم بما يختلفون فيه (٢).
__________________
(١) انظر الغدير ٨ : ١٣٠.
(٢) انظر الغدير ٦ : ٢١٩.