وموقف خالد بن سعيد الأموي :
قال : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد استعمل على اليمن خالد بن سعيد بن العاص ، وهو من أوائل من أسلم من قريش (من بني أمية) فكان ذا أثر قديم في الإسلام وله عبادة وفضل ، فلما سمع مقال عمرو بن العاص غضب للأنصار وشتم عمرو بن العاص وقال لقريش : يا معشر قريش ؛ إن عمرا دخل في الإسلام حين لم يجد بدّا من الدخول فيه ، فلما لم يستطع أن يكيده بيده كاده بلسانه ، وإنّ من كيده الإسلام تفريقه وقطعه بين المهاجرين والأنصار. والله ما حاربناهم للدين ولا للدنيا ، لقد بذلوا دماءهم لله تعالى فينا ، وما بذلنا دماءنا لله فيهم ، وقاسمونا ديارهم وأموالهم ، وما فعلنا مثل ذلك بهم ، وآثرونا على الفقر وحرمناهم على الغنى. ولقد وصّى رسول الله بهم وعزّاهم عن جفوة السلطان. فأعوذ بالله أن أكون وإياكم الخلف المضيّع والسلطان الجافي.
وجواب العاصي :
قال : ثم إن رجالا من السفهاء ومثيري الفتن من قريش اجتمعوا إلى عمرو بن العاص وأكثروا عليه من القول له : إنك رجل قريش في الجاهلية والإسلام ولسانها فلا تدع الأنصار وما قالت.
فراح إلى المسجد وفيه ناس من قريش وغيرهم ، فتكلم وقال : إن الأنصار ترى لنفسها ما ليس لها ، وأيم الله لوددت أن الله خلّى عنّا وعنهم وقضى فيهم وفينا بما أحبّ ، ولنحن الذين أفسدنا على أنفسنا : أحرزناهم عن كل مكروه وقدّمناهم إلى كل محبوب حتى أمنوا الخوف ، فلما جاز لهم ذلك صغّروا حقّنا ولم يراعوا ما أعظمنا من حقوقهم!