فأعظم الناس ذلك ، واحتمل إلى بيت أمّ سلمة (المخزومية) فبقى مغمى عليه الظهر والعصر والمغرب ، لم يصلّ فلما أفاق قال : الحمد لله ، فقديما اوذيت في الله ، وأنا احتسب ما أصابني في جنب الله العدل الكريم يوم القيامة بيني وبين عثمان!
وبلغ عثمان أن عمارا عند أمّ سلمة ويعوده الناس فأرسل إليها يقول : ما هذه الجماعة في بيتك مع هذا الفاجر! أخرجيهم من عندك!
فقالت : والله ما عندنا مع عمّار إلّا بنتاه! فاجتنبنا يا عثمان ، واجعل سطوتك حيث شئت ، وهذا صاحب رسول الله يجود بنفسه من فعالك به!
ثم ندم عثمان على ما صنع ، فبعث إلى طلحة والزبير فسألهما أن يأتيا عمارا فيسألاه أن يستغفر لعثمان! فأتياه وسألاه ذلك فأبى عليهما ، فرجعا إليه فأخبراه.
فقال عثمان : من حكم الله يا بني أميّة يا فراش النار وذباب الطمع! شنّعتم عليّ وألّبتم عليّ أصحاب رسول الله!
عثمان وعمّار وناعي أبي ذر :
قال : ثم إنّ عمارا صلح من مرضه ، فخرج إلى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر من الربذة ، فوقف على عثمان وقال له : إن أبا ذرّ مات بالربذة وحيدا ، ودفنه قوم مسافرون! فاسترجع عثمان وقال : رحمهالله! فقال عمار : رحم الله أبا ذر من كل أنفسنا! فقال له عثمان : وإنك لها هنا بعد يا عاضّ أير أبيه! أتراني ندمت على تسييري إياه؟! قال عمار : لا والله ما أظنّ ذاك. قال عثمان : وأنت أيضا فألحق بالمكان الذي كان فيه أبو ذر فلا تبرحه ما حيينا! فقال عمّار : افعل ، والله لمجاورة السباع أحبّ إليّ من مجاورتك! وخرج يتهيأ للخروج!