فقال ولاة الأمر منهم : هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلّي عليها ونزور قبرها!
فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليهالسلام فخرج مغضبا قد احمرّت عيناه ودرّت أوداجه ، وعليه قباه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة ، وهو يتوكّأ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع.
فتلقّاه عمر ومن معه من أصحابه وقال له : ما لك يا أبا الحسن؟! والله لننبشنّ قبرها ولنصلينّ عليها!
فضرب علي عليهالسلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزّه ثم ضرب به الأرض وقال له :
يا ابن السوداء! أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتدّ الناس عن دينهم (١) ، وأما قبر فاطمة ، فو الذي نفس عليّ بيده لئن رمت وأصحابك شيئا من ذلك لأسقينّ الأرض من دمائكم ، فإن شئت فأعرض يا عمر!
فتلقّاه أبو بكر وقال له : يا أبا الحسن ؛ بحقّ من فوق العرش (!) وبحقّ رسول الله إلّا خلّيت عنه ، فإنا غير فاعلين شيئا تكرهه!
فخلّى عنه ، وتفرّق الناس (٢).
مؤامرة قتله عليهالسلام :
روى سليم عن ابن عباس أنه حكى نحو ما مرّ ثم قال : ثم إنهم تذاكروا فقالوا : لا يستقيم لنا أمر ما دام هذا الرجل حيّا! فقال أبو بكر : ومن لنا بقتله؟!
__________________
(١) فهذا أيضا مما يؤيد أن تركه حقه كان مخافة ارتداد العرب قبل وفاة فاطمة عليهاالسلام بخلاف ما جاء في خبر الزهري : أنه بايع بعد وفاتها.
(٢) دلائل الإمامة : ٤٦.