ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يرى أن الفضل له على من سواه لصحبته ، فإن له الفضل النيّر غدا عند الله وثوابه وأجره على الله. فأنتم عباد الله ، والمال مال الله يقسم بينكم بالسويّة ، لا فضل فيه لأحد على أحد ، وللمتّقين عند الله غدا أحسن الجزاء وأفضل الثواب ، ولم يجعل الله الدنيا للمتقين أجرا ولا ثوابا ، وما عند الله خير للأبرار.
وإن عندنا مالا نقسمه فيكم ، فإذا كان غدا فاغدوا علينا إن شاء الله ، ولا يتخلّفنّ أحد منكم ـ عربي ولا عجمي ، كان من أهل العطاء أو لم يكن ـ إلّا حضر ، إذا كان مسلما حرّا. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم. ثم نزل.
وكان سعيد بن العاص وأصحابه من بني أمية وسائر قريش حاضرين ، وكان التفات علي عليهالسلام إليهم ، فسمع يقول : قاتل الله ابن العاص ؛ لقد عرف من كلامي ونظري إليه أنّي أريده وأصحابه من هلك فيمن هلك (١)!
وتقسيم المال :
قال : فلما كان الغد وغدا الناس وصلّى الصبح ، طلع طلحة والزبير فانتحيا عن علي عليهالسلام ناحية ، ومع الزبير ابنه عبد الله وعبد الله بن عمر ، وطلع سعيد والوليد بن عقبة فجلسا إليهما (٢) ثم جاء قوم من قريش فانضمّوا إليهم وأخذوا يتناجون فيما بينهم ، ومعهم زيد بن ثابت الأنصاري.
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ٧ : ٣٥ ـ ٣٨ ، عن كتاب الإسكافي في نقض الرسالة العثمانية للجاحظ البصري.
(٢) ذكر هنا في الخبر مروان ، وقد مرّ أنّه كان قد هرب إلى مكة فهل رجع يومئذ بأمان؟!