ومرّ بهم عبيد الله بن أبي رافع القبطي فسمع ابن الزبير يقول لأبيه وأصحابه : ما خفى علينا أمس من كلام عليّ ما يريد! فالتفت سعيد إلى زيد بن ثابت وقال : إياك أعني واسمعي يا جارة! فالتفت إليهم عبيد الله وتلا قوله سبحانه : (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)(١).
ومضى إلى علي عليهالسلام فأخبره بذلك فقال : والله إن بقيت وسلمت لهم لأقيمنّهم على المحجّة البيضاء والطريق الواضح.
فقام الوليد بن عقبة وجاء إلى علي عليهالسلام فقال له :
يا أبا الحسن! (كذا) إنك قد وترتنا جميعا : أما أنا فقتلت أبي يوم بدر صبرا! وخذلت أخي (عثمان) بالأمس! وأما سعيد ؛ فقتلت أباه يوم بدر في الحرب ، وكان ثور قريش! وأما مروان ؛ فسخّفت أباه عند عثمان إذ ضمّه إليه! ونحن إخوتك ونظراؤك من بني عبد مناف! وإنما نبايعك اليوم على أن تضع عنّا ما أصبناه من المال في أيام عثمان ، وأن تقتل قتلته ، وإلّا فإن خفناك تركناك والتحقنا بالشام!
فقال عليهالسلام : أما ما ذكرتم من وتري إياكم ؛ فالحقّ وتركم ، وأما وضعي عنكم ما أصبتم فليس لي أن أضع حق الله عنكم ولا عن غيركم. وأما قتلي قتلة عثمان ؛ فلو لزمني اليوم قتلهم لقاتلتهم أمس! ولكن لكم عليّ إن خفتموني أن اؤمنّكم ، وإن خفتكم أن اسيّركم!
وقال لعبيد الله بن أبي رافع : ابدأ بالمهاجرين فنادهم (حسب أسمائهم في الديوان) وأعط من حضر منهم ثلاثة دنانير ، ثمّ ثنّ بالأنصار ، ثم من يحضر من الأسود والأحمر.
__________________
(١) الزخرف : ٧٨.