ولو أنّ أهل المعاصي وكسبة الذنوب إذا هم حذروا زوال نعم الله وحلول نقمته وتحويل عافيته ، أيقنوا أنّ ذلك من الله جل ذكره بما كسبت أيديهم ، فأقلعوا وتابوا وفزعوا إلى الله جل ذكره ، بصدق من نياتهم وإقرار منهم بذنوبهم وإساءتهم ، لصفح لهم عن كل ذنب ، ولأقالهم كل عثرة ، ولردّ عليهم كرامة نعمه ، ثم أعاد لهم من صالح أمرهم ، ومما كان أنعم به عليهم كلّما زال عنهم وأفسد عليهم.
فاتقوا الله ـ أيها الناس ـ حقّ تقاته ، واستشعروا خوف الله عزّ ذكره ، وأخلصوا النفس ، وتوبوا إليه من قبيح ما استنفركم الشيطان من قتال وليّ الأمر وأهل العلم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وما تعاونتم عليه من تفريق الجماعة وتشتيت الأمر ، وإفساد صلاح ذات البين (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ)(١).
وخطبة أخرى في الفتنة :
نقلها الرضيّ وقال : خاطب بها أهل البصرة ، ومنها : إن أطعتموني فإني إن شاء الله حاملكم على سبيل الجنة وإن كان ذا مشقة شديدة ومذاقة مريرة!
ومنها قوله : وأما (فلانة) فأدركها رأي النساء وضغن غلا في صدرها كمرجل القين (الحدّاد) ولو دعيت لتنال من غيري ما أتته إليّ لم تفعل ؛ ولها بعد حرمتها الاولى ، والحساب على الله!
وفيها : أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل ولا ينقصان من رزق.
__________________
(١) روضة الكافي : ٢١٣ ، الحديث ٣٦٨ والآية : ٢٥ من الشورى.