أمره عليهالسلام عائشة بالرجوع :
نقل المفيد عن الواقدي قال : لما عزم أمير المؤمنين على المسير إلى الكوفة ، أنفذ إلى عائشة يأمرها بالرحيل إلى المدينة (١) فعن ابن عباس قال : بعد استقرار أمر الناس في البصرة بعث بي علي عليهالسلام إلى عائشة يأمرها بالرحيل عن البصرة والرجوع إلى دارها (٢).
وكانت هي في قصر بني خلف الخزاعي في جانب البصرة ، فأتيتها وطلبت الإذن عليها ، فلم تأذن! فدخلت عليها من غير إذنها ، فإذا هو دار قفار ، لم يعدّ لي فيه مجلس ، وإذا هي من وراء سترين! وإذا في جانب الدار رحل عليه طنفسة (بساط) فأخذتها ومددتها وجلست عليها.
فقالت : يا ابن عباس : أخطأت السنة! دخلت دارنا بغير إذننا ، وجلست على متاعنا بغير إذننا.
فقلت لها : نحن أولى بالسنة منك ومن أبيك! ونحن علّمناك السنة وأباك ؛ وإنما بيتك الذي خلّفك فيه رسول الله فخرجت منه ظالمة لنفسك! غاشّة لدينك ، عاتية على ربّك! عاصية لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله إلّا بإذنك ، ولم نجلس على متاعك إلّا بأمرك! إن أمير المؤمنين بعث إليك يأمرك بالرّحيل إلى المدينة وقلة العرجة (الإقامة).
فقالت : رحم الله أمير المؤمنين ذاك عمر بن الخطّاب!
فقلت لها : وهذا والله أمير المؤمنين وإن تربّدت فيه وجوه ورغمت فيه معاطيس! أما والله لهو أمير المؤمنين وأمسّ برسول الله رحما وأقرب قرابة ، وأقدم سبقا ، وأكثر علما ، وأعلى منارا ، وأكثر آثارا من أبيك ومن عمر!
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٤١٥.
(٢) شرح الأخبار للقاضي النعمان ١ : ٣٩٠ ، الحديث ٣٣٢.