فقال : اشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فأجابوه بمثل ما قال. ثم قال : أشهد أن البعث حق ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأقرّ بما جاء من عند الله ، فاشهدوا عليّ بذلك.
فقالوا : نحن على ذلك من الشاهدين. فقال : ليبشّر من مات منكم على هذه الخصال برحمة الله وكرامته ، ما لم يكن للمجرمين ظهيرا ، ولا لأعمال الظلمة مصلحا ، ولا لهم معينا!
أيها الناس ، اجمعوا مع صلاتكم وصومكم غضبا لله عزوجل إذا عصى في الأرض ، ولا ترضوا أئمتكم بسخط الله ، وإذا أحدثوا ما لا تعرفون فجانبوهم ، وازرؤوا عليهم ، وإن عذّبتم وحرمتم وسيّرتم ، حتى يرضى الله عزوجل ، فإن الله أعلى وأجلّ لا ينبغي أن يسخط برضى المخلوقين ، وغفر الله لي ولكم واستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله.
فناداه الناس : أن سلام الله عليك ورحمك يا أبا ذر يا صاحب رسول الله ، ألا نردّك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك؟ ألا نمنعك؟
فقال أبو ذر : ارجعوا رحمكم الله ، فإني أصبر منكم على البلوى ، وإياكم والفرقة والاختلاف ، ثم مضى حتى قدم المدينة (١).
حمل أبي ذر إلى عثمان :
ذكر الواقدي في تاريخه (كتاب الدار) بسنده قال : لما ورد الكتاب على معاوية ، حمل أبا ذر على ناقة مسنّة ليس عليها إلّا قتب (خشب)
__________________
(١) أمالي المفيد : ١٦١ ـ ١٦٤ ، م ٢٠ ، الحديث ٤ بسنده عن الثقفي الكوفي (٢٨٣ ه) عن ابن صبهان الأزدي الشامي.