فقال له الأشتر : يا قبيصة! وما أنت وهذا؟! فو الله ما أسلم قومك إلّا كرها (١) ولا هاجروا إلّا فقرا! فوثب الناس عليه فضربوه حتى جرحوا جبهته. وأعطى الوجوه والقرّاء جميعا للأشتر عهودهم ومواثيقهم أن لا يدعوا سعيد بن العاص يدخل الكوفة واليا أبدا (٢).
وفد الأشتر في المدينة :
قال المسعودي : فاجتمع منهم سبعون شخصا ووفدوا مع الأشتر على عثمان ، فذكروا سوء سيرة سعيد فيهم ، وسألوه عزله عنهم. ولكنه كره أن يعزله وأن يردّه ، فأقام الوفد أياما لا يردّهم. ومكث الأشتر وأصحابه وامتدّت أيامهم لا يخرج إليهم من عثمان شيء في سعيد ، حتى كتبوا من البلدان إلى عثمان يشكون إليه تعطيل الثغور بغياب الولاة عنهم.
فجمعهم عثمان وقال لهم : ما ترون؟ وكان عمرو بن العاص حاضرا.
فقال معاوية : أما أنا فجندي راضون بي!
وقال عبد الله بن عامر : أنا أكفيك ما قبلي وليكفك كل امرئ ما قبله.
وقال عبد الله بن سعد : إنّ عزل عامل وتولية غيره للعامة ليس بكثير!
فقال سعيد بن العاص : إنك إن فعلت هذا كان أهل الكوفة هم الذين يولّون ويعزلون ، وقد صاروا حلقا في المسجد ليس لهم همّ غير الخوض في الأحاديث ، فجهّزهم في البعوث حتى يكون همّ أحدهم أن يموت على ظهر دابّته!
فخرج عمرو بن العاص إلى المسجد فإذا طلحة والزبير قالا له : ما وراءك؟ قال : الشر ما ترك شيئا من المنكر إلّا أمر به!
__________________
(١) لأن كثيرا منهم ارتدّوا مع طلحة بن خويلد الأسدي.
(٢) أنساب الأشراف ٦ : ١٥٦.