فكان القوم على عهد عمر بن الخطاب يقولون : رأينا النبيّ يمسح على الخفّين ، فيقول لهم علي عليهالسلام : قبل نزول المائدة أو بعدها؟ فيقولون : لا ندري! ويقول : ولكنّي أدري ويتلوا الآية (١). ولعله لهذا جمع عمر بين علي عليهالسلام وأصحاب النبي صلىاللهعليهوآله وفيهم المغيرة الثقفي فقال لهم : ما تقولون في المسح على الخفّين؟ فقام المغيرة فقال : رأيت رسول الله يمسح على الخفّين ، فسأله علي عليهالسلام : قبل المائدة أو بعدها؟ فقال : لا أدري ، فقال علي عليهالسلام : لقد سبق الكتاب الخفّين ، إنما انزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة (٢).
عمر يفكر في مصير الأمر :
روى اليعقوبي العبّاسي عن ابن عباس قال : طرقني عمر بن الخطّاب بعد هدأة من الليل فقال : اخرج بنا نحرس نواحي المدينة! فخرجنا ، وعلى عنقه درّته حافيا! حتى أتى بقيع الغرقد ، فاستلقى على ظهره وجعل يضرب أخمص قدميه بيده وتنفّس صعدا! فقلت له : يا أمير المؤمنين ما أحوجك إلى هذا الأمر؟! قال : أمر الله يا ابن عباس! قلت : إن شئت أخبرتك بما في نفسك؟! قال :
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٣٠١ الحديث ٦٢.
(٢) التهذيب ١ : ٣٦٦ ، الحديث ١٠٩١ ، وهكذا تدور الأخبار يومئذ حول المسح على الرجلين أو الخفّين دون الغسل ، ويبدو لي من هذا أن الغسل إنما نشأ بعد هذا من قراءة «وأرجلكم» بالفتح بخلاف قراءة علي وأهل بيته عليهمالسلام بالخفض كما فيه في الحديث ٦٠ عن غالب بن هذيل قال : «سألت الباقر عليهالسلام عن قول الله : «وأرجلكم» على الخفض هي أم .. فقال : بل هي على الخفض» والناس على دين ملوكهم وهم بملوكهم أشبه منهم بآبائهم كما جاء في الحديث.