ثم ورد موكب فيه خلق من الناس عليهم السلاح والحديد ، مختلفو الرايات ، في أوله راية كبرى يقدمهم رجل كأنما كسر وجبر (١) كأنما على رءوسهم الطير ، عن يمينه شابّ حسن الوجه وعن يساره شابّ حسن الوجه ، وبين يديه مثلهما.
فسألت : من هؤلاء؟ قيل : هذا عليّ بن أبي طالب وهذان الحسن والحسين عن يمينه وشماله ، وهذا محمد بن الحنفية معه الراية العظمى بين يديه ، وخلفه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، ومعه ولد عقيل بن أبي طالب ، وغيرهم من فتيان بني هاشم ، وخلفهم مشايخ المهاجرين والأنصار.
فلما نزل عليهالسلام بالزاوية صلّى أربع ركعات ثم عفّر خدّيه بالتراب وخالطها بدموعه ثم رفع رأسه ويديه ودعا فقال : «اللهم ربّ السماوات وما أظلّت ، والأرضين وما أقلّت ، وربّ العرش العظيم ؛ هذه البصرة أسألك من خيرها وأعوذ بك من شرّها ، اللهم أنزلنا فيها خير منزل وأنت خير المنزلين ، اللهم إنّ هؤلاء القوم قد خلعوا طاعتي وبغوا عليّ ونكثوا بيعتي ، اللهم احقن دماء المسلمين» (٢).
ابن عباس يحتجّ عليهم :
روى الزبير بن بكّار عن عمّه مصعب بن عبد الله : أن عليا عليهالسلام قال لا بن عباس :
__________________
(١) راوي الخبر عن المنذر : ابن عائشة فسّر هذا المثل قال : في وصف العرب إذا أخبرت عن الرجل كأنه كسر وجبر ، فهو صفة رجل شديد الساعدين ولكنه ينظر إلى الأسفل أكثر من الأعلى.
(٢) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٥١ ـ ٣٥٩.