إمهال ومقال قبل القتال :
قال المفيد : كان علي عليهالسلام قد أنظرهم ثلاثة أيام (من السابع من جمادى الاولى) عسى ولعلّهم يرعووا ويكفّوا ، فلما استمر إصرارهم على الخلاف قام في أصحابه خطيبا فقال لهم :
«عباد الله ؛ انهدوا إلى هؤلاء القوم منشرحة صدوركم ؛ فإنهم نكثوا بيعتي وقتلوا شيعتي ونكلوا بعاملي ابن حنيف وأخرجوه من البصرة بعد أن آلموه بالضّرب المبرّح والعقوبة الشديدة ، وهو شيخ من وجوه الأنصار والفضلاء ، ولم يرعوا له حرمة ، وقتلوا السيابچه (١) رجالا صالحين ، وقتلوا حكيم بن جبلة العبدي ظلما وعدوانا لغضبه لله ، ثم تتبّعوا شيعتي ـ بعد أن هربوا منهم ـ في كل غائطة وتحت كلّ رابية يضربون أعناقهم صبرا! ما لهم (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(٢)».
فانهدوا إليهم ـ عباد الله ـ وكونوا أسودا أشدّاء عليهم ، فإنهم شرار ، ومساعدوهم على الباطل شرار ، فالقوهم صابرين محتسبين ، تعلمون أنكم منازلوهم ومقاتلوهم وقد وطّنتم أنفسكم على الطعن الدّعسيّ والضرب الطلخفي (الشديدين) ومبارزة الأقران ، وأيّ امرئ أحسّ من نفسه رباطة جأش عند اللقاء ، ورأى من أحد من إخوانه فشلا فليذبّ عن أخيه الذي فضّل عليه كما يذبّ عن نفسه ، فلو شاء الله لجعله مثله (٣).
وكان العبديّون (بنو عبد قيس) البصريون قد نزحوا من البصرة إلى أمير المؤمنين ، فلما ذكر في خطبته حكيم بن جبلة العبدي قام إليه شدّاد بن شمر العبدي فقال بعد الحمد والثناء :
__________________
(١) مضى تحليل الكلمة فيما سبق ، وانظر هامش الإرشاد ١ : ٢٥٢.
(٢) المنافقون : ٤.
(٣) الإرشاد ١ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣.