فقال له علي عليهالسلام : يا أبا إسحاق ، والله ما زلت أذبّ عنه حتى أني لأستحيي! ولكن مروان ومعاوية وعبد الله بن عامر وسعيد بن العاص صنعوا به ما ترى! فإذا نصحته وأمرته أن ينحّيهم استغشّني حتى جاء ما ترى!
وكأنّ ابن أبي بكر إذ خرج من عند عثمان جاء الآن إلى علي عليهالسلام فسارّه ، فأخذ عليّ بيد سعد ونهض وهو يقول له : وأيّ خير توبته هذه! فانصرف سعد إلى داره ، فما بلغها حتى سمع الناس أن عثمان قد قتل (١) وهو ابن ثمانين ، أو اثنين وثمانين ، أو ست وثمانين ، أو ثمان وثمانين ، أو تسعين عاما ، وكان أصلع أسمر وبوجهه جدريّ (٢) يصفّر لحيته وأسنانه مشدودة بالذهب (٣).
وروى الواقدي عن ابن حزم : أن المؤذّن سعد القرظ أذّن لهلال ذي الحجة ، ثم ذهب إلى عثمان فآذنه بالصلاة فقال : لا أنزل اصلي ، فاذهب إلى من يصلّي ، فجاء المؤذّن إلى علي عليهالسلام فأمر سهل بن حنيف فصلّى بهم ، حتى إذا كان يوم الجمعة وعيد الأضحى فصلّى بهم علي عليهالسلام حتى قتل عثمان ، فجاء المؤذن ذلك اليوم إلى عليّ وسأله : من يصلّي بالناس؟ فقال له : ناد خالد بن زيد ، فناداه فإذا هو أبو أيّوب الأنصاري فكان يصلّي بهم أياما ، ثم صلّى بعد ذلك بالناس علي عليهالسلام (٤).
جيش الشام وقميص عثمان :
والذي دفع المقاتلين عن عثمان إلى ذلك هو أنه كان قد بلغهم أن مدد أهل
__________________
(١) الطبري ٤ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨.
(٢) الطبري ٤ : ٤١٨ ـ ٤١٩.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧٦.
(٤) الطبري ٤ : ٤٢٣.