ثم استعفى ، فقيل : توفى في حمص وقيل : عاد إلى المدينة وبعد أيام مات بها وأوصى إلى عمر وكثر بكاء آل عمر عليه فقال عمر : حق لهنّ أن يبكين على أبي سليمان! وأظهر عليه جزعا!
وفي سنة (٢٣) تقدم قوم من قريش إلى عمر يستأذنونه للخروج إلى الجهاد فقال لهم : إني آخذ بحلاقيم قريش على أفواه هذه الحرّة ، لا تخرجوا فتسلّلوا بالناس يمينا وشمالا! وقد تقدم الجهاد لكم مع رسول الله. ثم تحدث عن بيعة أبي بكر حتى قال : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها فمن عاد لمثلها فاقتلوه!
ودعا عمّاله على مكة : نافع بن عمرو الخزاعي ، وعلى اليمن : يعلى بن منية ، وعلى الكوفة : سعد بن أبي وقاص ، وعلى ميسان : النعمان بن عدي ، وعلى البحرين : أبا هريرة ، وعلى مصر عمرو بن العاص ، فشاطرهم أموالهم (١).
ثم قدم عليه أهل الكوفة فسألهم عن أميرهم بعد سعد : عمّار بن ياسر ، فقالوا : مسلم ضعيف! فدعا جبير بن مطعم بن نوفل بن عبد مناف ووجّهه أميرا على الكوفة ، فحمل المغيرة الثقفي عنه خبرا سيّئا إلى عمر وقال له : ولّني عليها يا أمير المؤمنين! فقال له : أنت رجل فاسق! قال : وما عليك منّي؟ كفايتي ورجلتي لك وفسقي على نفسي! فولّاه الكوفة! ثم سأل أهل الكوفة عنه فقالوا له : أنت أعلم به وبفسقه! فقال لهم : ما لقيت منكم يا أهل الكوفة! إن ولّيتكم مسلما تقيا قلتم : هو ضعيف ، وإن ولّيتكم مجرما قلتم : هو فاسق (٢).
عمر ، وجزية المجوس :
كان عبد الرحمن بن عوف الزّهري قد سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «سنّوا بالمجوس سنّة أهل الكتاب» وعرف أنه أخذها من مجوس هجر ،
__________________
(١) اليعقوبي ٢ : ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٢) اليعقوبي ٢ : ١٥٥.