وإنّ عليا لو عمل الجدّ في نصرة امتكم لاعتزل هذا الأمر حتى تختار الامة لأنفسها من ترضاه!
فنادى بعض من حضر : أهلا وسهلا ومرحبا بام المؤمنين! والحمد لله على إكرامنا بها! وانتم عندنا ثقة ورضا ، وأنفسنا مبذولة لكم ، ونموت على طاعتكم ورضاكم!
ثم قام جمع منهم إلى عائشة فسلّموا عليها وقالوا لها : قد علمنا أن أمّنا لم تخرج إلينا إلّا لثقتها بنا ، وأنها تريد الإصلاح وحقن الدماء وإطفاء الفتنة ، والالفة بين المسلمين! وإنا ننتظر أمرها في ذلك! فإن أبى عليها أحد قاتلناه حتى يفيء إلى الحق (١).
ومن أخبار ذي قار (٢) :
قال المفيد : ولما نزل بذي قار أمر من حضره بتجديد بيعتهم ، ثم خطبهم فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم قال :
قد جرت امور صبرنا فيها ـ وفي أعيننا القذى ـ تسليما لأمر الله تعالى ، فيما امتحننا به رجاء الثواب على ذلك ، وكان الصبر عليها أمثل من أن يفترق المسلمون وتسفك دماؤهم.
ثم قال : نحن أهل بيت النبوة وأحقّ الخلق بسلطان الرسالة ، ومعدن الكرامة التي ابتدأ الله بها هذه الامة. وهذا طلحة والزبير ليسا من أهل النبوة ،
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٣٠٤ ـ ٣٠٥.
(٢) ذو قار معرّب محرّف عن الفارسية : قار قير گير ، وهي المادة المعروفة الحاصلة من النفط ، موضع قرب الناصرية اليوم بين العراقين : الكوفة والبصرة على حافة بادية الحجاز.