خطبته بالبصرة بعد فتحها :
روى المفيد عن ابن مزاحم بسنده عن الحارث بن سريع الهمداني قال : لمّا قسم أمير المؤمنين عليهالسلام بالبصرة ما حواه العسكر ، قام في أهل البصرة خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله ثم قال : أيها الناس ؛ إن الله عزوجل ذو رحمة واسعة ومغفرة دائمة لأهل طاعته ، وقضى أن نقمته وعقابه على أهل معصيته!
يا أهل البصرة ؛ يا أهل المؤتفكة (المنقلبة) ويا جند المرأة وأتباع البهيمة! رغا (صوّت) فأجبتم ، وعقر فانهزمتم! أحلامكم دقاق! وعهدكم شقاق! ودينكم نفاق! وأنتم فسقة مرّاق!
يا أهل البصرة! أنتم شرّ خلق الله! أرضكم قريبة من الماء ، بعيدة من السماء ، خفّت عقولكم ، وسفهت أحلامكم.
شهرتم سيوفكم ، وسفكتم دماءكم ، وخالفتم إمامكم! فانتم أكلة الآكل ، وفريسة الظافر ، فالنار لكم مدّخر ، والعار لكم مفخر.
يا أهل البصرة! نكثتم بيعتي وظاهرتم عليّ ذوي عداوتي ، فما ظنكم الآن بي؟!
فقام منهم رجال فقالوا : يا أمير المؤمنين نظنّ خيرا ، ونرى أنك ظفرت وقدرت ، فإن عاقبت فقد أجرمنا ، وإن عفوت فالعفو أحبّ إلى ربّ العالمين.
فقال عليهالسلام : قد عفوت عنكم ، فإياكم والفتنة! فإنكم أول من نكث البيعة وشقّ عصا الأمة! فارجعوا عن الحوبة ، وأخلصوا فيما بينكم وبين الله بالتوبة (١).
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٤٠٧ ـ ٤٠٨ ، وفي نهج البلاغة ، الخطبة ١٣ و ١٤ بنقص وزيادة.