وأسف أبو سفيان أن لا يحضرهم فحضر وقال : يا معشر قريش ؛ إنه ليس للأنصار أن يتفضّلوا على الناس حتى يقرّوا بفضلنا عليهم .. وأيم الله لئن بطروا المعيشة وكفروا بالنعمة لنضربنّهم على الإسلام كما ضربونا عليه! فأما علي بن أبي طالب فأهل ـ والله ـ أن يسوّد على قريش وتطيعه الأنصار!
وبلغت هذه الأقوال إلى الأنصار (١).
جواب الأنصار :
بلغ الأنصار أقوال هؤلاء ، فاجتمعوا وقام خطيبهم ثابت بن قيس بن شماس فقال :
يا معشر الأنصار : إنما يكبر عليكم هذا القول لو قاله أهل الدين من قريش ؛ فأمّا إذا كان من أقوام من أهل الدنيا كلهم موتور فلا يكبرن عليكم ، إنما الرأي والقول مع المهاجرين الأخيار ، فإن تكلم الذين هم أهل الآخرة مثل كلام هؤلاء ، فعند ذلك قولوا ما أحببتم ، وإلّا فأمسكوا.
وأجابهم شاعرهم حسّان بن ثابت بقصيدة من شعره قال :
نصرنا وآوينا النبيّ ولم نخف |
|
صروف الليالي ، والبلاء على رجل |
بذلنا لهم أنصاف مال أكفّنا |
|
كقسمة أيسار الجزور من الفضل |
ومن بعد ذاك المال أنصاف دورنا |
|
وكنّا أناسا لا نعيّر بالبخل |
ونحمي ذمار الحيّ فهر بن مالك |
|
ونوقد نار الحرب بالحطب الجزل |
فكان جزاء الفضل منا عليهم |
|
جهالتهم حمقا ، وما ذاك بالعدل |
تنادى سهيل وابن حرب وحارث |
|
وعكرمة الشافي لنا ابن أبي جهل |
قتلنا أباه ، وانتزعناه دروعه |
|
فأصبح بالبطحا أذلّ من النعل |
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ٢٣ ـ ٢٤ ، عن الموفقيات للزبير بن بكّار.