عكرمة بن أبي جهل المخزومي الذي قتل أباه ابنا عفراء وسلبه درعه زياد بن لبيد الأنصاري يوم بدر ، والحارث بن هشام المخزومي الذي جرحه عروة بن عمرو يوم بدر ، وسهيل بن عمرو العامري الذي أسره مالك بن الدخشم يوم بدر ، وكان ذلك في أنفسهم.
فلما اعتزل الأنصار تجمّع هؤلاء ... وكثر لذلك جزعهم وكلامهم ، وكانوا أشد قريش على الأنصار.
فقام سهيل بن عمرو العامري فقال : يا معشر قريش ؛ إن هؤلاء القوم قد سمّاهم الله الأنصار وأثنى عليهم في القرآن ، فلهم بذلك حظ عظيم وشأن غالب.
وقد دعوا إلى أنفسهم ، وإلى علي بن أبي طالب ، وعليّ في بيته لو شاء لردّهم! فادعوهم إلى صاحبكم وإلى تجديد بيعته ، فإن أجابوكم وإلّا قاتلوهم! فو الله إني لأرجو الله أن ينصركم عليهم كما نصرتم بهم!
ثم قام الحارث بن هشام المخزومي فقال : إن يكن الأنصار تبوأت الدار والإيمان من قبلنا ، ونقلوا رسول الله إلى دورهم من دورنا ، فآووا ونصروا وما رضوا حتى قاسمونا الأموال وكفونا الأعمال ، فإنهم قد لهجوا بأمر إن ثبتوا عليه فإنهم قد خرجوا مما وسموا به! وليس بيننا وبينهم معاتبة إلّا بالسيف! وإن نزعوا عنه فقد فعلوا الأولى بهم! وهو المظنون فيهم.
ثم قام عكرمة بن أبي جهل المخزومي فقال : والله لو لا قول رسول الله : الأئمة من قريش ، ما أنكرنا إمرة الأنصار ، ولكانوا لها أهلا ، ولكنّه قول لا شك فيه ولا خيار.
وقد عجلت الأنصار ... وإن الذي هم فيه من فلتات الأمور ونزغات الشيطان! وما لا تبلغه المنى ، ولا يحمله الأمل. والله ما قبضنا عنهم الأمر ، ولا أخرجناهم من الشورى ... فأعذروا إلى القوم [فإن قبلوا ، وإلّا] فقاتلوهم! فو الله لو لم يبق من قريش كلها إلّا رجل واحد لصيّر الله هذا الأمر فيه!