عمر وغلام المغيرة الثقفي :
استأذن المغيرة الثقفي (وهو على الكوفة) من عمر أن يجلب إلى المدينة غلاما له صاحب صناعة ومعه زوجته وبنته فأذن له فأدخلهم وكان المغيرة قد حكم عليه بخراج كل يوم درهمان! فجاء إلى عمر يشكوا إليه ثقله عليه ، فقال له عمر : ليس ذلك بكثير في حقك! فإني سمعت عنك أنك لو أردت أن تدير الرحى بالريح لقدرت عليه! فقال الغلام أبو لؤلؤة : لأديرنّ لك رحى لا تسكن إلى يوم القيامة! فقال : إن العبد أوعد! ولو كنت أقتل أحدا بالتهمة لقتلت هذا (١)!
وفي فجر يوم الأربعاء بعد تلك الجمعة (٢٦ ذي الحجة) أقبل عمر لصلاة الفجر فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة فطعنه ثلاث طعنات ، رواه ابن قتيبة عن عمرو بن ميمون قال : فسمعته يقول : دونكم الكلب فإنه قتلني ؛ وماج الناس فجرح ثلاثة عشر رجلا حتى شدّ عليه رجل فاحتضنه من خلفه.
ثم قال قائل : الصلاة عباد الله طلعت الشمس ، قال عمرو : فدفعت عبد الرحمن بن عوف فصلّى بأقصر سورتين من القرآن.
ومات من الذين جرحوا ستة أو سبعة ، وحمل عمر .. فأتاه الطبيب؟ فسأل عمر : أيّ الشراب أحبّ إليك؟ قال : النبيذ! فسقوه نبيذا فخرج من بعض طعناته ، فقال الناس : هذا صديد ، اسقوه لبنا فخرج اللبن ، فقال الطبيب : لا أرى أن تمسي فما كنت فاعلا فافعل.
ودخل عليه ابن عباس فسأله : من قتلني؟ قال : أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة (٢).
__________________
(١) مختصر تاريخ الدول لابن العبري : ١٠٢.
(٢) الإمامة والسياسة : ٢٦ ـ ٢٧ ، واسمه فيروز ، وفي البداية لابن كثير ٧ : ١٤٢ : أن أصله فارسي ولكنه رومي الدار ، ولذلك قال ابن الوردي ١ : ١٤٢ : كان نصرانيا.