فرآه جندب بن كعب (أو زهير) الأزدي فخرج إلى بعض من يصقل السيوف فاستعار منه سيفا ستره وأقبل في الزحام حتى ضرب عنق الساحر وقال له : الآن أحي نفسك إن كنت صادقا!
فأراد الوليد أن يضرب عنقه فقام إليه قومه من الأزد وقالوا : لا والله لا تقتل صاحبنا! فأمر به فحبس! وكان جندب متعبّدا يصلّي الليل كله! وكان سجّانه (نصرانيا) يدعى أبا سنان ، ولكنه قال له : ما عذري عند الله إن حبستك ليقتلك الوليد؟! فأطلقه ، فأمر الوليد به فضرب مائتي سوط!
فاجتمع حذيفة بن اليمان العبسي وعديّ بن حاتم الطائي وجرير بن عبد الله البجلي والأشعث بن قيس الكندي فكتبوا بذلك إلى عثمان وأرسلوا إليه رسلهم (١).
الوليد وابن مسعود :
مرّ أن عمر عزل سعدا عن الكوفة سنة (٢١) وأمّر عليهم عمارا ومعه عبد الله بن مسعود الهذلي على بيت المال ومعلّما للفقه والقرآن وفي عام (٢٣) بعد عامين اشتكى إليه أهل الكوفة ضعف عمار فعزله ، وبقي ابن مسعود على بيت المال حتى جاءهم الوليد في سنة (٢٥ ه) فلم يعزله ولكنّه أكثر من التصرّف في الأموال بغير ما يرى ابن مسعود.
فروى البلاذري عن الكلبي عن أبي مخنف وعوانة : أن ابن مسعود ألقى إلى الوليد مفاتيح بيت المال وقال : من غيّر غيّر الله ما به ، ومن بدّل أسخط الله عليه ، ولا أرى صاحبكم إلّا وقد غيّر وبدّل! أيعزل مثل سعد بن أبي وقاص ويولّي الوليد؟!
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٥ ، وأنساب الأشراف ٥ : ٣٢ ، ومروج الذهب ٢ : ٣٣٨ ، والأغاني : ١٨٣ ، وفي تلخيص الشافي ٤ : ٧٨ مرسلا.