لم يبق فيه رمق! إني أرى العيش بعد قتل عثمان مرّا! إن أدلج القوم فإني مدلج ... وأما قصدهم ما حوته يدي من المال فالمال أيسر مفقود إن دفعوا إلينا قتلة عثمان! وإن أبوا ذلك أنفقنا المال على القتال! وإن لنا ولهم لمعركة نتناحر فيها كما ينحر الجزّار إبل النهيبة.
إثارة معاوية لطلحة والزبير :
وكان كتابه إلى طلحة : أما بعد فإنك أقل قريش في قريش وترا (فلم تقتل منهم في حروب الإسلام كثيرا كعليّ!) مع صباحة وجهك! وسماحة كفّك! وفصاحة لسانك! وأنت في السابقة بإزاء من تقدّمك (من الخلفاء) وخامس المبشّرين بالجنة! (فهو مبدعها) ولك يوم احد وفضله وشرفه! فسارع رحمك الله إلى ما تقلدك الرعيّة من أمرها مما لا يسعك التخلّف عنه ، ولا يرضى الله منك إلّا بالقيام به! فقد أحكمت لك الأمر قبلي. والزبير فغير متقدم بفضل عليك ... والسلام.
وكتب إلى الزبير : أما بعد ، فإنك الزبير بن العوامّ ، ابن أبي خديجة وابن عمة رسول الله وحواريّه وسلفه ، وصهر أبي بكر ، وفارس المسلمين الباذل في الله مهجته بمكة ، بعثك المنبعث فخرجت كالثعبان المنسلخ بالسيف المنصلت ، كل ذلك قوة إيمان وصدق يقين! وسبقت لك من رسول الله البشارة بالجنة! (فهو مبدعها) وجعلك عمر أحد المستخلفين على الامة (في الشورى). واعلم ـ يا أبا عبد الله ـ أن الرعيّة أصبحت كالغنم المتفرقة لغيبة الراعي ، فسارع رحمك الله إلى لمّ الشعث وجمع الكلمة وصلاح ذات البين وحقن الدماء! قبل تفاقم الأمر وانتشار الامة! فقد أصبح الناس على شفا جرف هار إن لم ير أب فعمّا قليل ينهار ، فشمّر لتأليف الامة ، وابتغ إلى ربك سبيلا ، فقد أحكمت الأمر على من قبلي لك ولصاحبك (طلحة) على أن الأمر للمقدّم ثم لصاحبه من بعده! جعلك الله من أئمة الهدى وبغاة الخير والتقوى! والسلام. ولا جواب لهما في الخبر.