لعقبة إن كان ذلك حتى أنصب لهم حربا تضع الحوامل لها أطفالها ... وقد عقلت نفسي على الموت عقل البعير ، واحتسبت أني ثاني عثمان أو أقتل قاتله! فعجّل عليّ ما يكون ما رأيك ، فإنا منوطون بك متّبعون عقبك. ولم أحتسب الحال تتراخى بك إلى هذه الغاية ، لما أخافه من إحكام القوم أمرهم.
معاوية وابن كريز :
وكتب إلى عبد الله بن عامر بن كريز ابن خال عثمان ووالي البصرة المعزول : أما بعد ، فإن منبر (الإمارة) مركب ذلول لا ينازعك اللجام (ولكن) هيهات ذلك إلّا بعد ركوب أثباج المهالك واقتحام أمواج المعاطب ، كأني بكم ـ يا بني أميّة ـ كالنوق المتفرقة تقودها الحداة ، أو كرخم تذرق خوف العقاب! فثب الآن والسوط جديد والجرح لما يندمل ، وقبل استضراء الأسد والتقاء لحييه على فريسته ... ونازل الرأي وانصب الشرك ، وارم عن تمكّن ، واجعل أكبر عدّتك الحذر وأحدّ سلاحك التحريض ، واغض عن العوراء ، وسامج اللجوج واستعطف الشارد ولاين الأشوس وقوّ عزم المريد ، وبادر العقبة وازحف زحف الحية واسبق قبل أن تسبق ، وقم قبل أن يقام لك واعلم أنك غير متروك ولا مهمل ، والسلام.
وأجابه ابن عامر : أما بعد ، فإن أمير المؤمنين (عثمان) كان لنا الجناح الحاضنة تأوي إليها فراخها تحتها ؛ فلما أصابه السهم صرنا كالنعام الشارد ، ولقد كنت مشترك الفكر ضالّ الفهم ألتمس دريئة استجنّ بها من خطأ الحوادث حتى وصلني كتابك ، فانتبهت من غفلة طال فيها رقادي ، فأنا كواجد المحجّة كان إلى جانبها حائرا ... وو الله للموت في طلب العز أحسن من الحياة في الذلّة! وأنت ابن حرب فتى الحروب ونصّار بني عبد شمس ، والهمم بك منوطة وأنت منهضها «فإذا نهضت فليس حين قعود» وأنا اليوم على خلاف ما كانت عليه