والله إنّ طلحة والزبير ليعلمان أنهما مخطئان وما يجهلان ، ولربّ عالم قتله جهله ومعه علمه لا ينفعه ، فهل يعتبر معتبر أو يتفكر متفكّر (١)! وحسبنا الله ونعم الوكيل ، فقد أقامت الفتنة الفئة «الباغية» ، أين المحتسبون؟ أين المؤمنون؟ مالي ولقريش! أما والله لقد قاتلتهم كافرين ، ولأقاتلنّهم مفتونين ، وما لنا إلى عائشة من ذنب إلّا أنّا أدخلناها في حيزنا.
والله لأبقرنّ الباطل حتى يظهر الحقّ من خاصرته «فقل لقريش فلتضجّ ضجيجها» ثم نزل (٢).
تخلّف المغيرة الثقفي :
اتفقوا على تخلّف المغيرة الثقفي عن علي عليهالسلام وأجملوا كيفيته ، وإنّما :
روى المفيد في أماليه بسنده عن مالك بن أنس الأصبحي الفقيه ، عن عمّه نافع بن مالك ، عن أبيه مالك بن أبي عامر الأصبحي التيمي ، قال : كنت عند نهوض علي عليهالسلام إلى البصرة واقفا مع المغيرة بن شعبة إذ أقبل عمّار بن ياسر ، فلما رأى المغيرة قال له : يا مغيرة ، هل لك في الله؟ قال : وأين هو (أو : وما هو) يا عمّار؟ قال : تدخل في هذه الدعوة فتلحق من سبقك وتسود من خلفك؟
فقال المغيرة : أو خير من ذلك يا أبا اليقظان! قال : وما هو؟ قال : ندخل بيوتنا ونغلق علينا أبوابنا ، حتى يضيء لنا الأمر فنخرج مبصرين! ولا نكون كقاطع السلسلة أراد الضّحك فوقع في الغم!
فقال له عمّار : هيهات هيهات! أجهلا بعد علم وعمى بعد استبصار؟! ولكن اسمع قولي ، فو الله لن تراني إلّا في الرعيل الأول!
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٤٦ ـ ٢٤٧.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ١ : ٢٣٣ عن الجمل لأبي مخنف.