فبينما هما كذلك إذ طلع أمير المؤمنين عليهالسلام فقال لعمّار : يا أبا اليقظان ؛ ما يقول لك الأعور! فإنه دائبا ـ والله ـ يلبس الحق بالباطل ويموّه فيه! ولن يتعلق من الدين إلّا بما يوافق الدنيا!
ثم التفت إلى المغيرة وقال له : يا مغيرة ؛ ويحك إنها دعوة تسوق من يدخل فيها إلى الجنة.
فقال المغيرة : صدقت يا أمير المؤمنين ، فإن لم أكن معك فلن أكون عليك (١).
ونقله قبله ابن قتيبة في «الإمامة والسياسة» ولكنّه ذكر بعد هذا أنه لحق بهم بمكة وخرج معهم مع سعيد بن العاص إلى أرض أوطاس من أراضي خيبر (كذا) ثم تغيّر عن هذا ، فلما نزلوا بأوطاس أقبل مع سعيد بن العاص على عائشة فنزلا عندها وتوكّأ سعيد على قوسه وقال لها : يا أم المؤمنين أين تريدين؟ قالت : البصرة ، قال : وما تصنعين بالبصرة؟ قالت : أطلب بدم عثمان! وكان عندها مروان فأقبل عليه وقال له : وأنت أين تريد أيضا؟ قال : البصرة ، قال : وما تصنع بها؟ قال : أطلب قتلة عثمان! وكان طلحة والزبير قريبين فأشار إليهما وقال : فهؤلاء قتلة عثمان معك ؛ إنّ هذين الرجلان قتلا عثمان وهما يريدان الأمر لأنفسهما ، فلما غلبا عليه قالا : نغسل الحوبة بالتوبة والدم بالدم!
ثم أشرف المغيرة على الناس ونادى فيهم : أيها الناس : إن كنتم إنما خرجتم مع امّكم فارجعوا بها خيرا لكم! وإن كنتم غضبتم لعثمان فرؤساؤكم قتلوا عثمان! وإن كنتم نقمتم على عليّ شيئا فبيّنوا ما نقمتم عليه؟ أنشدكم الله فتنتين في عام واحد!
__________________
(١) أمالي المفيد : ٢١٧ ـ ٢١٨ ، ونقله قبله ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ١ : ٥٠ مرسلا محرفا مضافا فيه قوله : أريد إن أذنت لي أن أنام في بيتي حتى تنجلي الظلمة! فقال علي عليهالسلام : قد أذنت لك فكن من أمرك على ما بدا لك ... فإذا غشيناك فنم في بيتك! مما يعذّر المغيرة في تخلّفه عن الإمام عليهالسلام.